30‏/05‏/2010

الحرية مطلقة أم مقيدة؟

في هذه الأيام نعيش مشكلة شعارات ، هذه الشعارات في واقعها راياتٌ سياسة و لكن من حيث لا نشعر ، فالكل يتبع هذه الرايات من غير معرفة لم و أين تتجه به هذه الراية ، و لقد علا صوت حرية الرأي في ساحتنا هذه الأيام ، و أصبح الجميع ينادي بعلو الصوت لينصر هذه الراية ، و هو لا يعلم ماذا ينادي به!!

حرية الرأي و التعبير مكفولة منذ صدور الدستور في مادته 36 ، و لكنا اليوم نسمع صوت عويل و صراخ الجماهير الشعبية المخدوعة ، و كأننا نعيش في غابة ، يقوم فيها الأقلية النيابية بترويع الشعب بحشود و جماهير ليعملوا على مصادرة القانون ، و تطويع القانون حسب رغباتهم و أهوائهم الشخصية ، هذا و هم من أقسم على احترام الدستور!!

من المهم أن نعلم أن حرية الرأي لا تعني أبداً أن تشتم و تعتدي على الآخرين و تنام في بيتك ، و لا يفرقُ في ذلك ذو وظيفة عامة كبيرة أو صغيرة ، بل حرية الرأي تعني النقد الموضعي الهادف و عرض نقاط الخلل و إعانة قادة المجتمع على إصلاح الخلل.

إننا لو سلمنا جدلاً بحرية الرأي المطلقة لماج الناس على بعض ، و لظهر فساد عظيم ، و لانتشر البهتان و القذف بلا حد ، و لأصبحنا أسرى ذوي المكائد و الحيل ، إننا لا نستطيع أن نعيش في مجتمع بلا حدود و قواعد و قوانين.

لذا نجد المشرع الكويتي في نفس المادة يقول "وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون" ، هذه القوانين التي ارتضيناها هي القيود التي وضعت لتمنع الفتن و الهرج و المرج ، إن احترام الدولة المدنية أمر مهم ، و هو أساس التطور و النهضة.

إنني احترم القادة الذين يتبعون القانون ، و يعملون على ترسيخه ، لكن أن نقوم بالصراخ و العويل لمجرد أن القوم يدافعون عن أنفسهم بالقانون الذي ارتضيناه فهذا هو أمر عجيب ، و من سخرية القدر أننا نطلب من القادة أن يحيدوا عن ا لقانون و أن يتبعوا الأهواء.

في ظل الرغبة الشعبية الجامحة للتطور ، يجب أن ندعو لترسيخ القانون ، و تأكيد أن القيادات لا يستبيحونه بل هم من يتبعه ، و نلحظهم في هذا ، فإن هم تركوه ذكرناهم و قومناهم ليعملوا على حسب ما ارتضينا من المواثيق و الدستور.
-----------------------------------------------------
مادة 36 من الدستور:
حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.

26‏/05‏/2010

الصراع الطبقي إلى أين؟!


في المجتمع المليوني الصغير الذي نعيش فيه ، هناك صراع طبقي كبير ، يؤثر في واقعنا و لكنا قليلاً ما نلحظهُ أو ندركه ، هذا الصراع الذي أصبح يجرنا كل يوم في اتجاه ، و يجعلنا نغير الآراء و المعتقدات ، و نتلون كما الحرباء في سبيل البقاء.

إن صراع البقاء الذي تخوضه فصائل و تقسيمات المجتمع ، هو هذا الصراع الذي يغير طريقة تعاطينا مع الواقع ، سواء لحظنا أم لم نلحظ ، لكنه بلا شك صراعٌ حتميٌ لا مفر منه.

لنعود للتاريخ و نستحلب الماضي لنفهم المستقبل ، في مرحلة ما قبل النفط كانت هذه الإمارة الصغيرة في صراع مع البيئة في سبيل الموارد ، و في صراع مع المحيط في سبيل النشأة و التكوين و إثبات الوجود ، في هذه المرحلة كانت الصراعات الداخلية قليلة نوعاً ما ، و تختفي في حال صعود وتيرة الصراعات الخارجية ، فعمد البناة الأوائل على ترسيخ قيم الأمة الواحدة رغم الاختلاف في سبيل البقاء ، و يمكن لقارئ التاريخ الرجوع لحرب الجهراء أو سنة الهدامة ليفهم كيف أن العوامل الخارجية تؤثر في صهر المجتمع و تمنع الاختلاف.

تلا ذلك مرحلة تأسيس الدولة الحديثة ، و في هذه المرحلة و في ضوء اضمحلال الصراع مع البيئة برزت الصراعات الداخلية بشكل أكبر لكنها انحصرت في النفوذ و السلطة و المال ، فكان الصراع على القيادة و المصادر أوضح ، حتى انتهينا بالحصول على دستور يحاول أن يوازن هذا الصراع ، فلا هو جمهوري و لا هو أحادي في النفوذ ، مزيج جديد لم يُرى مثله من قبل ، و مباشرة في ظل هذا الصراع برز التهديد الخارجي متمثلاً في الصامتة ، لتأثر العوامل الخارجية في صهر المجتمع و تمنع الاختلاف أو تخففه تبعاً للأحداث التي تلت هذه المرحلة.

و في ظل انحصار صراع المحيط في فترة حرب الثمان سنوات ، و عودة الصراعات الداخلية و لكن بشكل اديولوجي ، أصبح الصراع الداخلي عميق و عظيم ، هذا الصراع لم يتوقف إلا تحت صدمة الاحتلال ، ليعود المجتمع مرة أخرى محاولاً الدفاع نفسه لدفع الضرر الذي لحقه نتيجة الصراع الخارجي منصهراً بشكل لافت ليحقق النصر.

و ظل المجتمع متحفظاً متخوفاً من التهديد الخارجي الذي استمر حتى سقوط نظام البعث ، ليعود الصراع الداخلي من جديد ، و لكن بعباءة أخرى ، و ها نحن نعيش المرحلة من جديد.

إن المشكلة المؤرقة أننا ننتظر التهديد الخارجي لننصهر ، و نعمل على استمراريتنا و بمجرد زوال السبب نعود لنتصارع متناسين الماضي و دروسه ، رغم أن بقاءنا كأمة مرهونٌ بعملنا كخلية متكاملة تعلم على التجهيز ضد التهديد الخارجي و الصراعات المحيطة ، إننا و إن كنا من جذور مختلفة لكنا مدفون في أرض واحدة نتشارك فيها الماء و التربة ، لذلك يجب أن نعمل على التجهيز لحفظ البقاء الذي لن يكون في ظل الصراعات الداخلية.

دعونا ننسى اختلافاتنا و نفكر في الماء و التربة قبل أنفقدها فنموت كأمة ، و ما فلسطين عنا ببعيد.

22‏/05‏/2010

تكامل القوانين ضرورة - 2


و إلحاقاً لما سبق حول ضرورة النظرة الشمولية للقوانين ، نجد أن الحكومة بعد أن قامت باقرار قانون الخصخصة لم تسعى هي و لا من دعمها لإقرار قانون منع الإحتكار ، هذا القانون الفيصيلي في نجاح مفهوم الخصخصة ، و أحد أعمدة العدالة الاجتماعية ، و أهم محور في ضمان بقاء فارق الربح عن التكلفة في حدوده الدنيا.

في مثال تاريخي بسيط نعود لشركة الاتصالات المتنقلة ، هذة الشركة التي خرجت من بطن الحكومة ، و وفرت أحد أهم الخدمات في عالم الاتصالات ، كيف أن اسعارها كانت للدقيقة تفوق ١٠٠ فلس و اليوم في ظل النافسة و عدم الاحتكار أصبحنا ندفع بالعشرة أفلاس ، و هذا الفضل يعود لمنع الاحتكار الذي فرضه مجلس الأمة لكن بقانون عقيم ، خصص لهذا الموضوع بشكل تقني ذو نظرة محدودة.

إن من المهم التعلم من الدروس السابقة ، فخصخصة أي قطاع يجب أن تكون في ظل المنافسة المفتوحة التي تضمن للسوق السعر المعقول و البديل المتاح، و كذلك تمنع التسلط و البرجوازية ، و تسمح للعقول و الكفاءات بالتطور و التنقل في ظل حماية الدولة.

و قانون منع الاحتكار يجب أن يشمل كل أنواع السلع و الخدمات ، فمثلاً الملكيات الشخصية الكبيرة في قطاع العقار أضرت المجتمع ، و جعلت المواطن غريب في وطنه ، لا يملك في وطنه سوى ما يكسوه ، هذا النوع من الاحتكار أضر المجتمع أيما ضرر ، و جعل المواطن فريسة الجشع الربوي و اشباه الربوي ، و كذلك الاحتكار في الاستيراد الذي جعلنا ضحايا كبار التجار ، و كيف أن ما يباع خارج الكويت بدينار يباع هنا بعشر.

إن الدول العظمى تمنع الاحتكار لعلمها بمدى ضرره ، و سوء عواقبه ، و ترى الشركات الكبرى فيها تحرص على أن لا تدخل في قاضايا الاحتكار لأنها سوف تتدمر و تتفكك إن هي فعلت ، و على النقيض في الكويت فالمحتكرون هم الرابحون و هم التجار و الملاك.

إن دستور الكويت في مادته السابعه و الثامنه أكد على العدل و المساواة و قرر تكافؤ الفرص ، فعليه يجب العمل على إقرار قانون منع الاحتكار على وجه السرعه يا حماة الدستور ، إن كنتم تعقلون.

-------------------------------------------------------
آسف على التأخير كنت مشغول