19‏/12‏/2010

عين السخط . . . و لكن



يقول الإمام الشافعي في احد روائعه:


وعين الرضا عن كل عيب كليلة
**********ولكن عين السخط تبدي المساويا

ولست بهياب لمن لا يهابني
**********ولست ارى للمرء مالا يرى ليا

فإن تدن تدن منك مودتي
**********وإن تنأ عني تلقني عنك نائيا

كلانا غني عن اخيه حياته
**********ونحن اذا متنا أشد تغانيا


في خضم اعصار الصراع السياسي الغير مبرر من وجهة نظري ، أرى أننا بدأنا مرحلة جديدة ، مرحلة غيرت وجهة الديمقراطية الكويتية ، لكن أغلب الكتاب و المنظرين يرون الجزء الفارغ من الكأس ، لأنهم يرون بعين السخط ، فهم كتلة من التشاؤم و السلبية ، فهم إما في معسكر المعارضة أو في معسكر الموالاة ، متخندقين و متسلحين يتصيدون على بعض الزلات و الهنات.

أما أنا فأقف لأرى من بعيد صورةً تجريديةً لواقع جديد يسوده النص ، و تحكمه قواعد اللعبة السياسية ، رغم بعض الخدوش الموروثة ، دعونا ننظر للجزء الممتلأ من الكأس ، و سوف نرى العجيب و الغريب ، لكن هذا لا يعني أنني أطلب من كلا المعسكرين أن لا يقترب من الآخر ، لأننا لا يمكننا العيش بغير الآخر على خلاف الابيات التي صدرت فيها المقالة ، لأننا ببساطة في قارب واحد ، لا يمكن أن يكون له ربانان.

إن تمسك صاحب السمو - حفظه الله - بالدستور و مواده فرض على لاعبي الساحة السياسية معادلة جديدة ، يحكم فيها النص الدستوري و القوانين على خلاف المراحل السابقة في تاريخ الديمقراطية الكويتية ، حيث كان الخيار غير الدستوري مطروحاً دائماً في حال القلاقل ، فاصبحنا ننقاش مواد الدستور و نفكر في التعديل - رغم أني اتحفظ على بعض الأفكار التي طرحت في هذا السياق - ، و اصبحنا نسمع من يجادل مستخدماً مواده ، و اصبحنا نسمع الوزراء و مسؤولي الدولة يناقشون آليات تطبيق القانون، و النواب يعترضون على آليات التطبيق ، أي ببساطة اصبحنا نحاول أن ننسجم مع القوانين لا أن نعطلها ، و هذا جزء مهم من الرقي باتجاه دولة القانون.

فعلى سبيل المثال لم نرى الهلع من استجواب رئيس الحكومه! و لم نرى الخجل الحكومي من استجواب رئيس الوزراء كما رأيناه في ما سلف من استجوابات ، بل على العكس الحكومة تقف اليوم في خندق الدفاع عن آلياتها في تنفيذ القوانين ، لم تخف من المساءلة ، و لم تجزع من المحاسبة ، لقد حصلنا على حكومة قوية متراصة بعد أن كنا نرى حكومات يهزها النسيم ، و تختفي بالنفخ ، و هذا جيد فكلما ثبت الوزراء في مناصبهم اصبحوا اقدر في الرد على الاسئلة و اقدر على تنفيذ القوانين ، و اعلم بالمرؤوسين الذين يديرون عجلة التنفيذ الفعلي.

و في الجهة الأخرى ، أرى أن العديد من النواب اصبحوا قادرين على اظهار توجهاتهم الحقيقية من دون خوف من الجمهور ، بل اصبح بعضهم شديد الجرأة و صعب المراس اثناء الطرح سواء كان مؤيداً الحكومة أم جزءً من المعارضة و هذا يدل على أننا حصلنا على فرق نيابية ناجحة قادرة على التفاعل مع الأفكار و الاطروحات بجدية و بدعم فكري اعلامي ناجح لبعض الفرق النيابية.

و سوف ترى أيضاً أن ممثلي السلطات الثلاث اصبحوا يتقاذفون باستخدام القانون بغير حرج ، مما يؤكد على تفعيل دولة القانون لا الدولة العشائرية ذات المؤسسات ، فرئيس الوزراء و الوزراء اصبحوا يلجؤون للقضاء ليدافعوا عن شخصياتهم و لا يستخدمون الطرق الملتوية ، و هو امر رائع بكل ما يحمله من معاني جميلة رغم أنه طريق مدمي لكنه يستحق السير فيه.

و هناك الكثير الكثير من النقاط الجميلة التي أرى بودرها قد بان في ظل هذا المخاض العسير ، لكن هناك بعض المطبات الوعرة التي تؤثر في هذا الميلاد الجديد ، و لعل اغلبها جزء من الموروث الاجتماعي ، فتدني لغة الحوار و استخدام القوة و حشد الشارع و الضرب من تحت الحزام و اثارة الفتن و النزعات الطائفية و العنصرية ، انما هي وليدة مشاكل معقدة موجودة في المجتمع لا يمكن الفرار منها بسهولة إلا بتغير الفكر و الوجوه ، و هذا صعب في هذة المرحلة.

15‏/12‏/2010

الفوضى


لم أفهم و لن أفهم ما يحدث في الساحة المحلية ، فكل ما يحدث عبارة عن زوبعة آسف أقصد اعصار غير معلومٍ بدايتة و لن أعرف نهايته ، ما يحدث في الساحة المحلية يخرج عن سياق التحليل المنطقي للمعطيات ، و يصب في خانة الفوضى و اللامنطقية ، فتسارع الأحداث و تشكيلة التحالفات النيابية أو الحكومية ، و السجالات و الضرب و القمع و الندوات و القضاء و الأحكام و و و و ، و إلى ما لا نهاية من الصور التي لا يمكن تحليلها من داخل الصندوق.

إن ما يحدث في الساحة المحلية ببساطة خروج من المعقول إلى اللامعقول ، و الدخول إلى ساحة من الهدم بوتيرة متسارعة ، إن الهدم الذي بدأ ليس هدم الدستور فقط بل بدأنا بهدم القيم و المبادئ و الأعراف و المفاهيم ، لست قادراً على التحليل و لكني سوف أحاول جمع الأفكار في علبة واحدة لأعيد النظر إليها مرات و مرات لعلي أجد مناي و أفهم!

- يتخلى النواب عن الدافع عن أحدهم ، لكن المصيبة أنهم هربوا بعيداً و تركوه مع جمع يسير ليلقى مصيره غير آسفين عليه!
- يتبجح من سبب القلاقل في تنصيب انفسهم حماةً للدستور ، و يشتمون الآخرين في ذات الوقت!
- يضرب الجمهور احد مسببي القلاقل و يشجعهم حماة الدستور على الجرم و بل يبرره بعضهم!
- يتحدى المشرع القانون الذي وضعه ، ثم يَضرب من أُمر بتنفيذه!
- يُشعل احدهم الفتنة بلسانه و يلحقه الجمهور و يصدقونه!
- يشتم من يدعي الثقافة و العلم مخالفيه ، ثم يُضرب بلا رحمة!
- يتحدى بعضهم ولاة الأمر ، غير مكترثٍ بما سيحدث!
- يتصارع أهل الحل و العقد بالألسن و الأيدي على رؤوس الأشهاد!

و لعل هناك ما فاتني ذكره لكثرة الأحداث في ما خلا من أيام ، لكن ما يأتي سوف يكون ممتلئ بالأحداث التي لا نود أن تكون أسوء من ما سلف ، بل أرجو أن نقف و نراجع أنفسنا هل ما نفعله هو الإصلاح أم التدمير؟ ببساطة الجميع مخطئ … أرجوكم توقفوا قبل الفوت و قبل أن نصبح شبح حضارة بادة قبل أن تبدأ.

والله المستعان

16‏/11‏/2010

حتى في لندن عنصرية …!!


كنت مع أم العيال في رحلة قصيرة لربوع مدينة الضباب ، و ألحت علي العزيزة لنزور مطعم يقدم مأكولات عربية ، دخلنا و المطعم الضيق مليء بالإخوان من كل بلاد العرب ، لكن حظي أوقعني بجوار أسرة كويتية ، كانوا يشربون الشاي و يتسامرون - عليهم بالعافية عسى دوم - كان صوتهم يصلني لأن المسافة لا تتعدى النصف متر ، و في حوار طويل لا يهمني لكني كنت اسمعه رغم أنفي ، انطلقت احداهن بأبشع أنواع العنصرية التي لا أعلم من أين دخلت قلوبنا نحن أبناء البلد الواحد و المصير الواحد فقالت "غزونا الشيعة و البدو" !!!

حقيقة كم تأثرت و تضايقت من هذا الحوار البعيد عن كل القيم الإنسانية و الإسلامية ، و الدخيل على المفاهيم التي وضعها الآباء و الأجداد عندما وضعوا الدستور الكويتي ، ليتهم - أخ - ليتهم يسمعون كلام هذه السيدة الذي سرى في بدني كالسم ، رغم أنها عمرت ما عمرت لكن قلبها مليء بالعنصرية مثل برميل زفت فاحت رائحته و للأسف عندي ، و أين في بلاد الحرية و المساواة ؟! فيا للعجب كيف الحرية تكشف الأقنعة.

حقيقة لم أفهم ماذا تريد ، الشيعة و البدو و باقي سكان الكويت التي هي منهم - لا أعلم هي من أي تصنيف لذلك لا أريد التجني - كانوا موجودين منذ تأسيس الكويت ، و ساهموا ببناء نهضتها التي تنعمين بها اليوم ، كلٌ شارك و أسهم و لم يبخل ، و هم كذلك من دافع عن الكويت في الغزو من الجهراء إلى يومنا هذا.

إن كانت مشكلتك في من يتكاثر فشجعي قومك على التكاثر ؛)، أما إن كانت مشكلتكي في من يترقى و يتولى مهام الدولة فهذا منوط بالكفاءة ، و ليس لغيرها من الأمور اعتبار ، و من اتبع غير هذا الدرب فهو ظالم لا محالة.

نريد لهذا البلد أن يغدق على من يبني ، لا أن يغدق على ولد فلان و قريب علّان ، لا يهم من أي تصنيف أنت ، لا يهم من أي قوم أنت ، المهم أنك كويتي و تبني ، أنت تعمل لذلك انت متميز ، أما من قال كان أبي و فعل جدي ، فأبوك و جدك مشكورون أما أنت فأحمق تافه لا قيمة لك حتى تبني و تعمر ، أما أن تعيش على ما فعله سلفك فهذا تلف لا بعده تلف ، فما انت سوى زيف يدمر البلد بأفكار لا نفع منها ، و يقسم الناس ليميز نفسه و هو في ذاته خواء.

و ليست قصة سكوب عنا ببعيد و غيرها من القصص التي هي أبشع من القتل في ذاتها ، و انتن من الجيفة.

04‏/10‏/2010

المؤامرة و أي مؤامرة


فتحت كعادتي الأنترنت و ذهبت أبحر بين المدونات، فقرأت المقال الجميل للأستاذ حمد الحمد، المقال الذي عنونه "يا شيخ جابر أنها لعبة"، كنت أقرأ المقال مدهوشاً مشدوداً لما فيه من إقرارات تدل على ضعف الحكومة و تخلخل اركانها.

لست هنا في محل نقاش مقومات من يحل محل من، و من هو الأصلح و الأفضل، و لست هنا في صدد تحليل الرؤى و الأفكار، و لكني في سياق معضلة في الفكر العربي لعلها صحيحة، لكن للأسف هي شماعة و أي شماعة!!

في نفس المقال السالف الذكر يطرح أ. حمد الحمد فكرة نظرية المؤامرة، و أن القوم تآمروا على متولي الأمور لإحراجه و إضعافه، و ينتقد في نفس الوقت فعاله، لا و بل يستنكرها.

رغم اتفاقي الجزئي مع الكاتب في شأن المؤامرة لكن هناك أمر مهم في ردة فعل متولي الأمور، فعندما يوكل الأمر لشخص يجب علية أن يكون شديد الحرص عند أتخاذ القرار، و عليه أن يعي أن قرارته ذات تأثير على مجرى و واقع الأمة.

عندما هاج من هاج، لم يكن الحل بالرضوخ لزعيق القوم، فقبول ما تملية التيارات الإسلامية التي لا تؤمن بالديمقراطية إنما هو ترسيخ لفكر هؤلاء القوم، و اجبار الدولة المؤسسية للتحول نحو المذهبية و التشنج الفكري، و هو أمر خطير.

لقد بدأ انحدار الفكر المؤسسي في الحكومة منذ سنوات بالاتجاه المعاكس، فقبل سنوات دخلنا في ضوابط الحفلات و ثم منع الاختلاط في الجامعة و بعده اقرار قانون المطبوعات والنشر، و ادخال الخلاف الديني في مراحل التقاضي، و تلا ذلك قانون المرأة و شرط الحشمة، و نحن في جدال ليس له نهاية معلومة.

إن تخاذل الحكومة في مواجهة التشنج الفكري سينتج في النهاية دولة مشوهة المعالم، لا قانون فيها إلا ما يريده هؤلاء القوم الصارخون، إن قرار كقرار سحب الجنسية رضوخاً لقوى فكرية معينة إنما هو إضعاف لروح الدستور و تعدي على المادتين السابعة و الثامنة منه.

( مادة 7 )
العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين.

( مادة 8 )
تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين.

هذا بالإضافة أن القرار الذي اتخذ اثار حفيظة شريحة أخرى من الشعب الكويتي، ترى أنها مضطهدة في ظل القمع الفكري و التعدي من الطرف الأخر على معتقداتها و أفكارها دون أدنى دفاع من الحكومة، لا بل ترى أن الذراع الديني للدولة يشجع من يتعدى على أفكار و معتقدات الآخرين، لا أريد أن أضرب أمثلة لعلها ببساطة أكثر من نور الشمس.

و هنا أعود لأقول أن نظرية المؤامرة لا تبرر لمتولي الأمور أن يصدر قرارات خاطئة، فالقرار الذي اتخذه كان مشكلاً سواء كانت هناك مؤامرة أو لا توجد مؤامرة، و مفعول القرار و تأثيره انتشر في وسط المجتمع، و لعله أصبح مثالاً سوف يقتدى به في المستقبل، إن من لا يستطيع اتخاذ قرار تحت الضغوط يجب أن يبتعد، إن من أهم مؤهلات القائد القدرة على اتخاذ القرار الملائم في الوقت المناسب.

23‏/09‏/2010

العقول المريضة

في ما سلف من الأيام كنت أتفرج على الشعب الكويتي و هو يخنق نفسه بنفسه، شعبٌ جُله مليء بكل الأفكار إلا المواطنة، ليس لديه سوى ملاحقة الفتنة أينما كانت، وهم يرفعون شعاراتٍ بريقها يُعمي و منشأها خواء.

قضية ياسر قضية قديمة، لعل عمرها يزيد عن 8 سنوات، ليست جديدة، و لم يتوقف هوعن طرح أفكاره المتطرفة في ما خالا من أيام.

لم أفهم لم صحى الشعب بعد 8 سنوات فجأة!!
لم أفهم لم نشرت مقابلات عمرها يزيد عن السنتين فجأة!!
لم أفهم لم أقيمت الندوات و شتم جزء من الشعب الكويتي لأجل شخص!!
لم أفهم لم كان على الشيعية أن يعيدوا ما قالوا من انكار و شجب!!
لم أفهم من ألبس ياسر العمامة بدل البدلة في لندن!!
لم أفهم لم تصدر الموضوع عناوين الصحف!!
لم أفهم لم سحبت جنسيته الآن و ليس بعد هروبه/خروجه!!
لم أفهم لم نحن شعب "مع الخيل يا شقره"!!

تساؤلات كثيرة بعضها بلا جاوب و بعضها الآخر انصاف إجابات، لكن ما يجعلني مستنكراً سوء استغلال الشهر الفضيل، و بالأخص العشر الأخيرة منه، فقضية ياسر كانت منبوذة و متروكة للقضاء و العدالة، ما الجديد الذي أذكى الفتنة، و شعشع و هجها، و لم تذكر هؤلاء ما نسي لثمانٍ خلت و تذكروه في العشرة الأخيرة و ربطوه بإسقاط الجنسية؟!

ياسر مواطن شأنه شأن غيره من الشواذ فكرياً، له شطحات و نطحات، لكن شطحاته دينية و عروقه ضعيف جافة لا ماء يسقيها، فكان وطنه وطن الأهواء ، يعطيك جنسيته متى ما شاء و يسحبها حين ما يشاء، وطن يحكم من الخيام، و الندوات و الصراخ و الزعيق، وطن فقد القانون هيبته و صار لسانك سيفك، و ربعك نجادك، وطن يعطيك الحرية في يوم، و يسلبها منك في التالي على صدى الزعيق، وطن يطلبك بالإنتربول و ثم يسحب جنسيتك لتسقط المطالبة، وطن يقبلك في قالب واحد، فاذا تغير قالبك صرت منبوذاً.

لست مع فكر ياسر، بل أراه فكراً شاذاً غير مقبول، لكن لا أقبل خلط الأوراق، فنحن في بلد قانون كما يقولون، بلد لا يمكن أن يبنى على قرارات ارتجالية تولد التطرف الفكري و تأصل التحزب و الطائفية.

فقرار الليلة الواحدة قد يطال أي مفكر خالف من بيده نبض الشارع، فمثلا لو انتقدت صدام و كان لم يغزو الكويت لسحبت جنسيتي لأني تكلمت على شقيق عربي، و لو انتقدت السياسة الأمريكية الآن فسوف تسحب جنسيتي لأني أضر بمصالح الدولة، مع أني لو كنت في أمريكا و انتقدتها لما تعرضوا لي.

لقد قذف اللعين رسول الله –ص- و لم يقتله أو يطرده من المدينة بل تركه بعد أن برأ الله السيدة عائشة، و هذا رسول الله و هذه سنته.

فالفكر يجب أن يرد عليه بالفكر لا بأي شكل آخر، أما ما حصل ولد و سيولد العديد من الآثار ، أهمها الطائفية و عدم احترام القانون و تداخل السلطات بتشجيع من الحكومة، هذا بالإضافة إلى إضعاف الحكومة و سطوتها على المدى الطويل لرضوخها لدعاوى الزعيق و سلطة التجمعات، و تشجيعها الشعب على هذا النوع من التصرف.

09‏/08‏/2010

أخوان عبس

عنترة فارسٌ شاعرٌ لا يصفه مثلي ، عاش في ظل مجتمع عنصري يبغضه للونه ، و يستصرخه لبأسه ، كان مثال القوة و البأس ، تميز على أقرانه في زمانه ، له لسانٌ عذبٌ ، و حسٌ مرهفٌ ، و فكرٌ خلّاق.


يقول عنترة في إحدى روائعه:


سيذْكُرني قَومي إذا الخيْلُ أقْبلت
وفي الليلة ِ الظلماءِ يفتقدُ البدر
يعيبون لوني بالسواد جهالة
ولولا سواد الليل ما طلع الفجر
وانْ كانَ لوني أسوداً فخصائلي
بياضٌ ومن كَفيَّ يُستنزل القطْر
محوتُ بذكري في الورى ذكر من مضى
وسدتُ فلا زيدٌ يقالُ ولا عمرو




هذا الشاعر الفارس عانى الأمرين من قومه ، فهم عنصريون حتى النخاع ، قوم لا يفهمون معنى الكفاءة ، و لا يقدرون العطاء ، لذلك لم يكن لهم ذكر عظيم بعد عنترة ، فصدق حين قال محوتُ بذكري ذكر من مضى ، لأنه أهلٌ لذلك و غيره فلا.


 


في الكويت هناك أخوان لقوم عنترة ، أناس لا يعرفون إلا التعيير ، لا يميزهم شي سوى الدم ، فهم في نظرهم أنهم مميزون لأن هذه الدماء تجري في عروقهم ، لكن الحقيقة أن هذه الدماء لا تعني شيء ، فهي وجدت لتحفظه لا لترفعه ، و لا يرفع الإنسان عرقه ، و لا يفيده نسبه ، فهذا قول معروف.


 


إن التمييز العنصري في هذا البلد بحاجة لوقفه جادة ، فهي السلاح الذي يفرق أبناء البلد ، و هو الخطيئة التي لا يجب التسامح فيها ، و لا بد من الابتعاد عنها.

05‏/08‏/2010

الفداوي

الفداوي شخصية تراثية عظيمة ، شخصية تتسم بالشاجعة و الإخلاص قلما نجد مثلها في هذا الزمان ، لكن أمسى بعضهم يلمز الناس بكلمة فداوية ، فكتب أحدهم يصف كل ذي ناقصه بالفداوي مدعياً أن هذا تطور للمعنى ، و الحقيقة أن هذا نوع من التعيير الواضح ، و عدم احترام للتراث ، و محاولة لتشويه ما هو جميل بنتقيصه و لصقه بالسافل من المعاني و الأفكار.

إن مشكلة بعض الكتاب أعتقادهم أن من يتخذ موقفاً يعارض توجهه الفكري أو بوصلته فهو بلا شك يستحق الإنتقاص ، لأن هذا النوع من الناس لا يفهم أن لكل عملة وجهان ، و أن كثير من الأمور لا تحتمل الصواب و الخطأ ، إنما هي رؤى قد تؤدي لنتائج جيدة و قد تفشل.

حقيقة لا أريد أن أزيد و أسطر الكلمات ، أنا أحب الفداوية الذين حفظوا هذا البلد ، و لا يهمني الغزاة الذين يأخذون غنائم الناس غصباً و ثم يلهثون خلف غنيمةٍ أخرى لا يهمهم سوى أنفسهم ، نعم إن من حفظ الكويت في الماضي سيحفظونها في الحاضر لا يصدهم قول قائل يرى في نفسه الملاك المعصوم و هو لا يفقه ألف باء الحوار لأن مسطرته ما يعلم ، و علمه بقدر عقله ، و عقله مظلم.

01‏/08‏/2010

الرياضة



الأخ الحلم الجميل …

تحياتي لك و شاكر لك سعة صدرك … آسف الرد كان طويل فلم يقبله النظام ، نشرته على صفحتي :)

في البداية أحب أن أذكر بنقطة جوهرية في نظري " محو الفساد لا يكون إلا بالرقيب الصالح" فالمفسد لا يمكنه بحال من الأحوال إصلاح الأمور و تقويم الإعوجاج ، و لاصلاح أي خلل نحتاج أن نعود لجذور المشكلة.

في قضية الرياضة من الواضح أن الخلل في مجلس الأمة و ليس في الحكومة ، و أن مشكلة الرياضة لم تكن في يوم من الأيام مشكلة الحكومة ، و الدليل نجاح الكويت في السبعينات و الثمانينات في الرياضة ، و حتى التسعينات كانت هناك نجاحات جزئية ، أعود لأبين المشكلة بتجرد بعيداً عن فلان و فلان ، و لأني لست سوى مشجع و لاعب كرة بالشارع.

بعد إخفاقات فريق كرة القدم ، و لا حظ أن الرياضة ظلمت بجعلها متمحوره في كرة القدم ، اجتمع أعضاء مجلس الأمة و أصدوا على عجالة قانون 5/2007 ، القانون محل المشكلة و المليء بالثغرات ، القانون الذي وضع بكثير من الشخصانية للأسف ، لم يدرس و لم يراجع و لم يتدخل في كتابته متخصصون و لم يراجع بنوده قانونيون ، كل ما حصل كان ردة فعل لهزائم جرحت مشاعر الجمهور ، فقام النواب بردة فعل و اصدروا القانون ، و في خضم غضب شعبي دس بعض المشرعون السم بالعسل ، فخرج القانون مشوه لأنه كان يستهدف فلان و فلان و لم يكن يرسم طريق الإصلاح ، فلا سبيل لتحقيق أي تقدم في ظل غياب الفكرين و المخططين و وضوح أهداف القانون و المشروع الرياضي.

في ظل الصراع الشخصاني الذي أتى من مدرجات الملاعب إلى صالة عبدالله السالم رحمه الله ، أصبحنا نحن شعب الكويت نرى تطاحن فلان و فلان على العلن ، فهذا له ربعه و هذا له ربعه ، و كل ما يحدث بعد ذلك مجرد صراع طفولي ليس له هدف ، و بعد قاعة عبدالله السالم دخل الصراع المحاكم ، و هنا الطامة ، لن ينتهي الموضوع حتى لو طبق القانون ، ببساطة لأن النفوس شاينه.

أن لست ضد استجواب الرئيس و لكن أقول أن الصحيح أن يراجع القانون ، أو يعمد لكتابة قانون جديد يخلص للتالي :
- التحول التدريجي للإحتراف الكلي.
-تخصيص الأندية الرياضة و تحويلها لملكيات خاصة أو شركات مساهمة.
-زيادة دعم المنتخبات.
-عودة بطولات المدارس بشكل أقوى.
-زيادة عدد مراكز الشباب و تطويرها لتلائم جو الكويت.
‫-‬ توافق القانون مع القاوانين الأولمبية.

ببساطة صفو النية و طلعوا فلوس الشعب بره و بعدين تهاوشوا.


19‏/07‏/2010

لا تهنوا


نقلت جريدة السياسة في خبر لها هذا العنوان الرائع " العطلة الصيفية ... الوزراء استنفروا والنواب انحاشوا "، كم أضحكني تحليلهم حول سبب هرب النواب حين كتب المحرر " و من بين تلك المعاملات التوسط لقبول ابنائهم في الكليات والمعاهد العسكرية او حتى في جامعة الكويت, او للابتعاث الى الخارج للدراسة او العلاج."

هنا توقفت لأتأمل كم دمر النواب بلدي الكويت ، و كم شاباً حطموه! و كم مجتهداً أضاعوه! كم و كم أحمق وضعوه على رقابنا ، و هو لا يستحق حتى النظر إليه ، لكنهم سعوا في سبيل تقديم المتأخر ، و تعاون معهم الضعاف من الوزراء ، فدمروا كل جميل في هذا الوطن منذ عودة مجلس الأمة بعد الغزو حتى اليوم.

أتوقف هنا لأبكي مع من ظلم ، و من سوف يظلم ، لأقول لهم أنكم الأفضل و إن سعى الحمقى في تأخيركم ، لكن أكملوا مسيركم فسوف يثبت الزمان أنكم الأفضل ، فلا يهمكم سعي المرتزقه لتأخيركم ، و تجمعهم ضدكم ، فجمعهم في شتات و سعيهم إلى لا شيء بإذن الله.

المهم أن تامنوا يا شباب أنكم تستحقون البقاء لأنكم الأفضل ، و غيركم مهما فعل فسوف يفضح الزمان عهره ، و سوف تظهر على الملأ عورته.

و أقول لمن أقسم على حفظ البلد و الدستور … تكافؤ الفرص هو المهم … إنكم زائلون و الكويت باقيه.

11‏/07‏/2010

الدفاع الأعوج



قضية حبس الفضالة قضية عامة قد يُختلف عليها إن كان حبسه صواب أو خطأ ، و هي مثار للجدل فهناك من يراها قمع للحريات ، و في المقابل هناك من يراها أنها ترسيخ لقيم دولة القانون التي يحتكم فيها الصغير و الكبير للقضاء ، لست هنا لأدلو دلوي في هذا الجدال ، و لست مهتماً كثيراً في ما يحدث من تراشق بين المعارضة و الحكومة ، لأنهما وجهان لفشل تنموي واضح ، و تعثر للتنمية يتعذر كل طرف بالآخر.

ما أثار حفيظتي خلط الأوراق من قبل بعض المدونين ، و تحميل الموضوع أكثر مما يحتمل !! إن الصراع الفكري لا يكون بخلط الأوراق ، و الهمز و اللمز ، و نحن بحاجة أن نكون موضوعيين ، و نبعتد عن المهاترات ، و نركز في دفاعنا على قضية الفضالة كفكره لا كحرب شخصانية بعيدة كل البعد عن الموضوعية.

إن ما قرأته في مدونتي أم صده و دستورنا سورنا ، إنما هو خلط للأوراق ، إن إبراز حادثة واحدة لا تعمم قاعدة ، فالتعميم لا يأتي بشواذ ، بل يأتي بالثبوت القطعي.

لا أريد الحديث أكثر ، كل ما أطلبه هو بعض الموضوعية.

07‏/07‏/2010

كأس العالم و قضايا الحرية

عجيب ما يحدث في كأس العالم ، خروج الأبطال الواحد تلو الآخر ، فلا تعترف الكرة لا بالكبير و لا تظلم المجتهد الصغير ، المهم أن يلعب الجميع وفق القوانين ، و أن ينصاعوا لقرارات حكم الساحة و إن أخطأ.

في الكويت يعتبر القانون هو مقياس الأمور للاعبي الساحة ، فقبل أشهر تمسك النواب بحقهم الدستوري في الاستجواب حتى صار عدد الاستجوابات أكثر من عدد حبات الكاكاو في علبة ماكنتوش ، و صرنا نسمع عن مجموعة من الاستجوابات في جلسة واحدة.

اليوم عندما بدأ اللاعبين الكبار في استخدام مهاراتهم ، وجعلوا حكم الساحة يشهر البطاقات الصفراء و الحمراء ، أصبحنا نسمع النقد غير الموضوعي ، و الاتهامات للحكام و اللاعبين ، و كل ذلك لأنهم انصاعوا للقوانين التي وضعها نواب الأمة ، ثم هم اليوم ينتقدونها.

إن ازدواجية المعايير لدى المعارضة الكويتية واضحة ، فكل قانون يصب في صالح شعبيتها مباح ، و كل قانون يحد من تسديداتها هو غير مقبول ، أن تتعسف هي باستخدام حقوقها فهو رقابة ، و أن تقوم الحكومة باللجوء للقضاء فهو تعسف؟!
لا أدري كيف ننتخب هؤلاء القوم؟!!

30‏/05‏/2010

الحرية مطلقة أم مقيدة؟

في هذه الأيام نعيش مشكلة شعارات ، هذه الشعارات في واقعها راياتٌ سياسة و لكن من حيث لا نشعر ، فالكل يتبع هذه الرايات من غير معرفة لم و أين تتجه به هذه الراية ، و لقد علا صوت حرية الرأي في ساحتنا هذه الأيام ، و أصبح الجميع ينادي بعلو الصوت لينصر هذه الراية ، و هو لا يعلم ماذا ينادي به!!

حرية الرأي و التعبير مكفولة منذ صدور الدستور في مادته 36 ، و لكنا اليوم نسمع صوت عويل و صراخ الجماهير الشعبية المخدوعة ، و كأننا نعيش في غابة ، يقوم فيها الأقلية النيابية بترويع الشعب بحشود و جماهير ليعملوا على مصادرة القانون ، و تطويع القانون حسب رغباتهم و أهوائهم الشخصية ، هذا و هم من أقسم على احترام الدستور!!

من المهم أن نعلم أن حرية الرأي لا تعني أبداً أن تشتم و تعتدي على الآخرين و تنام في بيتك ، و لا يفرقُ في ذلك ذو وظيفة عامة كبيرة أو صغيرة ، بل حرية الرأي تعني النقد الموضعي الهادف و عرض نقاط الخلل و إعانة قادة المجتمع على إصلاح الخلل.

إننا لو سلمنا جدلاً بحرية الرأي المطلقة لماج الناس على بعض ، و لظهر فساد عظيم ، و لانتشر البهتان و القذف بلا حد ، و لأصبحنا أسرى ذوي المكائد و الحيل ، إننا لا نستطيع أن نعيش في مجتمع بلا حدود و قواعد و قوانين.

لذا نجد المشرع الكويتي في نفس المادة يقول "وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون" ، هذه القوانين التي ارتضيناها هي القيود التي وضعت لتمنع الفتن و الهرج و المرج ، إن احترام الدولة المدنية أمر مهم ، و هو أساس التطور و النهضة.

إنني احترم القادة الذين يتبعون القانون ، و يعملون على ترسيخه ، لكن أن نقوم بالصراخ و العويل لمجرد أن القوم يدافعون عن أنفسهم بالقانون الذي ارتضيناه فهذا هو أمر عجيب ، و من سخرية القدر أننا نطلب من القادة أن يحيدوا عن ا لقانون و أن يتبعوا الأهواء.

في ظل الرغبة الشعبية الجامحة للتطور ، يجب أن ندعو لترسيخ القانون ، و تأكيد أن القيادات لا يستبيحونه بل هم من يتبعه ، و نلحظهم في هذا ، فإن هم تركوه ذكرناهم و قومناهم ليعملوا على حسب ما ارتضينا من المواثيق و الدستور.
-----------------------------------------------------
مادة 36 من الدستور:
حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.

26‏/05‏/2010

الصراع الطبقي إلى أين؟!


في المجتمع المليوني الصغير الذي نعيش فيه ، هناك صراع طبقي كبير ، يؤثر في واقعنا و لكنا قليلاً ما نلحظهُ أو ندركه ، هذا الصراع الذي أصبح يجرنا كل يوم في اتجاه ، و يجعلنا نغير الآراء و المعتقدات ، و نتلون كما الحرباء في سبيل البقاء.

إن صراع البقاء الذي تخوضه فصائل و تقسيمات المجتمع ، هو هذا الصراع الذي يغير طريقة تعاطينا مع الواقع ، سواء لحظنا أم لم نلحظ ، لكنه بلا شك صراعٌ حتميٌ لا مفر منه.

لنعود للتاريخ و نستحلب الماضي لنفهم المستقبل ، في مرحلة ما قبل النفط كانت هذه الإمارة الصغيرة في صراع مع البيئة في سبيل الموارد ، و في صراع مع المحيط في سبيل النشأة و التكوين و إثبات الوجود ، في هذه المرحلة كانت الصراعات الداخلية قليلة نوعاً ما ، و تختفي في حال صعود وتيرة الصراعات الخارجية ، فعمد البناة الأوائل على ترسيخ قيم الأمة الواحدة رغم الاختلاف في سبيل البقاء ، و يمكن لقارئ التاريخ الرجوع لحرب الجهراء أو سنة الهدامة ليفهم كيف أن العوامل الخارجية تؤثر في صهر المجتمع و تمنع الاختلاف.

تلا ذلك مرحلة تأسيس الدولة الحديثة ، و في هذه المرحلة و في ضوء اضمحلال الصراع مع البيئة برزت الصراعات الداخلية بشكل أكبر لكنها انحصرت في النفوذ و السلطة و المال ، فكان الصراع على القيادة و المصادر أوضح ، حتى انتهينا بالحصول على دستور يحاول أن يوازن هذا الصراع ، فلا هو جمهوري و لا هو أحادي في النفوذ ، مزيج جديد لم يُرى مثله من قبل ، و مباشرة في ظل هذا الصراع برز التهديد الخارجي متمثلاً في الصامتة ، لتأثر العوامل الخارجية في صهر المجتمع و تمنع الاختلاف أو تخففه تبعاً للأحداث التي تلت هذه المرحلة.

و في ظل انحصار صراع المحيط في فترة حرب الثمان سنوات ، و عودة الصراعات الداخلية و لكن بشكل اديولوجي ، أصبح الصراع الداخلي عميق و عظيم ، هذا الصراع لم يتوقف إلا تحت صدمة الاحتلال ، ليعود المجتمع مرة أخرى محاولاً الدفاع نفسه لدفع الضرر الذي لحقه نتيجة الصراع الخارجي منصهراً بشكل لافت ليحقق النصر.

و ظل المجتمع متحفظاً متخوفاً من التهديد الخارجي الذي استمر حتى سقوط نظام البعث ، ليعود الصراع الداخلي من جديد ، و لكن بعباءة أخرى ، و ها نحن نعيش المرحلة من جديد.

إن المشكلة المؤرقة أننا ننتظر التهديد الخارجي لننصهر ، و نعمل على استمراريتنا و بمجرد زوال السبب نعود لنتصارع متناسين الماضي و دروسه ، رغم أن بقاءنا كأمة مرهونٌ بعملنا كخلية متكاملة تعلم على التجهيز ضد التهديد الخارجي و الصراعات المحيطة ، إننا و إن كنا من جذور مختلفة لكنا مدفون في أرض واحدة نتشارك فيها الماء و التربة ، لذلك يجب أن نعمل على التجهيز لحفظ البقاء الذي لن يكون في ظل الصراعات الداخلية.

دعونا ننسى اختلافاتنا و نفكر في الماء و التربة قبل أنفقدها فنموت كأمة ، و ما فلسطين عنا ببعيد.

22‏/05‏/2010

تكامل القوانين ضرورة - 2


و إلحاقاً لما سبق حول ضرورة النظرة الشمولية للقوانين ، نجد أن الحكومة بعد أن قامت باقرار قانون الخصخصة لم تسعى هي و لا من دعمها لإقرار قانون منع الإحتكار ، هذا القانون الفيصيلي في نجاح مفهوم الخصخصة ، و أحد أعمدة العدالة الاجتماعية ، و أهم محور في ضمان بقاء فارق الربح عن التكلفة في حدوده الدنيا.

في مثال تاريخي بسيط نعود لشركة الاتصالات المتنقلة ، هذة الشركة التي خرجت من بطن الحكومة ، و وفرت أحد أهم الخدمات في عالم الاتصالات ، كيف أن اسعارها كانت للدقيقة تفوق ١٠٠ فلس و اليوم في ظل النافسة و عدم الاحتكار أصبحنا ندفع بالعشرة أفلاس ، و هذا الفضل يعود لمنع الاحتكار الذي فرضه مجلس الأمة لكن بقانون عقيم ، خصص لهذا الموضوع بشكل تقني ذو نظرة محدودة.

إن من المهم التعلم من الدروس السابقة ، فخصخصة أي قطاع يجب أن تكون في ظل المنافسة المفتوحة التي تضمن للسوق السعر المعقول و البديل المتاح، و كذلك تمنع التسلط و البرجوازية ، و تسمح للعقول و الكفاءات بالتطور و التنقل في ظل حماية الدولة.

و قانون منع الاحتكار يجب أن يشمل كل أنواع السلع و الخدمات ، فمثلاً الملكيات الشخصية الكبيرة في قطاع العقار أضرت المجتمع ، و جعلت المواطن غريب في وطنه ، لا يملك في وطنه سوى ما يكسوه ، هذا النوع من الاحتكار أضر المجتمع أيما ضرر ، و جعل المواطن فريسة الجشع الربوي و اشباه الربوي ، و كذلك الاحتكار في الاستيراد الذي جعلنا ضحايا كبار التجار ، و كيف أن ما يباع خارج الكويت بدينار يباع هنا بعشر.

إن الدول العظمى تمنع الاحتكار لعلمها بمدى ضرره ، و سوء عواقبه ، و ترى الشركات الكبرى فيها تحرص على أن لا تدخل في قاضايا الاحتكار لأنها سوف تتدمر و تتفكك إن هي فعلت ، و على النقيض في الكويت فالمحتكرون هم الرابحون و هم التجار و الملاك.

إن دستور الكويت في مادته السابعه و الثامنه أكد على العدل و المساواة و قرر تكافؤ الفرص ، فعليه يجب العمل على إقرار قانون منع الاحتكار على وجه السرعه يا حماة الدستور ، إن كنتم تعقلون.

-------------------------------------------------------
آسف على التأخير كنت مشغول

18‏/04‏/2010

تكامل القوانين ضرورة – 1


نجحت الحكومة في إقرار قانون الخصخصة في مداولته الأولى لتعيد الأمل في تطوير الخدمات بشكل سريع و فعال ، لكنها أسقطت من أجندتها تطوير قانون العمل ليتلاءم مع الخصخصة و التكويت ، فهي أطلقت قطار التطوير و نست أن تركب أبناءها و تعطيهم مقاعد مريحة و فرص حقيقية للعمل الفعال في القطاعات المخصصة أو حتى في القطاعات الفاعلة في السوق المحلي حتى الآن.

دعوني أعطي مثال واقعي للحقيقة المغيبة ، المهندس الخريج الكويتي يجد نفسه متحيراً عند التخرج ، فالقطاع الخاص قطاع فعال يحتاج للمهندس لينجز على أرض الواقع لكنه لا يدفع الحوافز المادية المناسبة ، في حين القطاع الحكومي الملزم بتوظيفه المتضخم بعمالته يدفع أفضل من القطاع الخاص ، فلذلك تجد المهندس يتجه للعمل في القطاع الحكومي طمعاً في الحوافز المقدمة.

و في نفس الأثناء تسعى الشركات الخاصة بطبيعتها للربحية ، فتقوم بتوظيف الكويتيين بالحدود الدنيا حسب النسب المقررة في قانوني العمل و المناقصات ، لكن النسب الأكبر تكون لغير الكويتيين ، حيث يعملون في القطاعات الإنتاجية و على أرض الواقع ، لأنهم ببساطة مصدر ربحي حقيقي ، و عبء كبير على الدولة.

فإخوتنا غير الكويتيين يعيشون في هذا البلد على حوافز مادية منخفضة بالمقارنة مع حوافز الكويتيين لكنها مرتفعة أو مقبولة بالنسبة لبلدانهم الأصلية ، هذا أمر جيد يشجعهم على الإقبال للعمل لدينا ، لكن الفارق بين المقبول لديهم و المقبول لدينا شاسع ، مما يوجد خلل في موازين التوظيف في القطاع الخاص.

هذا بالإضافة على أن ما تصرفه الدولة من أموال على البنى التحتية في المشاريع يخرج أغلبه للخارج إما كأموال تصرف على المواد الخام أو كرواتب للعمالة الغير كويتية التي تقوم بالعمل في هذه المشاريع.

إن الحلول التي طرحتها الدولة حتى الآن حلول غير مجدية ، فقوانين دعم العمالة و المناقصات و التكويت لم تحل المشاكل بل عقدت بعضها و أوجدت أساليب جديدة من التلاعب و التحايل على القوانين ، لا يسع المقال لذكرها في هذه العجالة ، لكنها في الوقت ذاته زادت من تواجد الكويتيين في القطاع الخاص بشكل جزئي لا يرقى للتطلعات.


إن ما ينقص العاملين على القوانين النظرة الشمولية و بناء الفكرة العامة لسياسة التوظيف ، و هذا لا يمكن الوصول إليه بغير نظرة متفحصة للقوانين الحالية و مراجعتها لتكمل بعضها البعض ، لتحول الكويت لدولة طاردة للعمالة الهامشية الوافدة ، مطورة لأبناء هذه الأمة للقيام بالأعمال الأساسية من البناء و التعمير و الصيانة حتى نحفظ هذا البلد.

هذه النظرة الشمولية تكون موضع النقاش في المقال التالي إن شاء الله.

29‏/03‏/2010

ألا يتعلمون؟!

يقول عنترة العبسي

أُعاتِبُ دَهراً لاَ يلِينُ لعاتبِ
********** وأطْلُبُ أَمْناً من صُرُوفِ النَّوائِبِ
وتُوعِدُني الأَيَّامُ وعْداً تَغُرُّني
********** وأعلمُ حقاً أنهُ وعدُ كاذبِ

هذا حالي و حال المدينين من أبناء وطني ، الذين يسمعون الوعود تل الوعود ، بلا وفاء و لا يحزنون ، نوابٌ يطلقون اقتراحاً تلو الآخر حول توزيع المنح و العطايا ، كأننا في قبلية قد غزت ، و توزع الأنفال على بنيها.

ما هكذا تورد الإبل يا نوابنا الأفاضل ، فليس من المعقول هذا التسرع و التفكير العلني ، فنحن لسنا في جلسة أنس في ديوانية ، أننا نتكلم عن مستقبل بلد و مصير أمة ، إن من يقرأ هذه الاقتراحات يعلم بدون أدنى شك أن من صدرها و تبنها لم يدرسها ، و لم يتعب نفسه في التفكير فيها ، بل أطلقها على عنانها و أشغل الدولة و الأمة في الصراع و التفكير و البحث و التدقيق ، و أضاع الكثير من الجهد بلا جدوى ، كان سوف يوفره لو تعقل.

عندما يقف نائب ليدعو إلى توزيع منحه ، فهو بكل تأكيد لم يتعلم من الدروس الفائتة ، و لم يدرك الضرر الذي يلحقه في الأمة ، سوف أذكر بعض الأضرار التي يعلمها من هم على شاكلتي – الفقراء النتضررون المسلوبون الإرادة ، و اتمنى أن يعلم النواب ماذا يفعلون ، لعلهم يتذكرون!!

عندما تصرف منحه في البلد فإن السلع تتضاعف قيمتها لوجود السيولة لدى الناس ، فيصبح ما يباع بدينار بعشر و هذا هو التضخم ، فيصرف الناس ما عندهم في شهر ، و بعد الشهر يبكون الغلاء و يطالبون بالزيادة ، و يضربون للكوادر ، فندخل في سجال عقيم ماله نهاية واضحة.

و في نفس الوقت الذي تصرف أموال الدولة في البذخ بدل الصرف على البنى التحتية التي يبكيها الفقير قبل النائب يطالب نوابنا بالمنح ، فإذا مرض الفقير لم يجد المكان لعلاجه ، و النائب في لندن و باريس يتطبب ، و ذهب الفقير يطلب كهرباء لبيته لم يعطوه لأن المحطة تالفة أو لا يوجد مخزون كهربائي متوفر يعطوه ، و النائب ينعم في قصره و ديوانه ، هذا و إذا تخرج أبن الفقير لم يجد العمل الذي يعيله لأننا لا نبني و لا نعمر ، بل نستهلك ما عندنا و المكان طفح بالموظفين.

هذا نزر قليل من ألم كبير ، و هموم شتى ، إن المواطن الفقير يعلم أنكم تدمرون البلد و انتم تائهون عن هذا ، أم إنكم لا تعرفون كيف تقودون البلد؟!

16‏/03‏/2010

لأننا كويتيون فلذلك نحن مختلفون


التقسيم الطبقي للمجتمع الكويتي موضوع قديم يتجدد دائماً ، لكنه حقيقة واقعة غير قابلة للنكران إلا من أعمى البصيرة ، فالكويت منذ تأسيسها حتى اليوم كانت مقسمه بشكل أو بآخر ، و كل محاولات الدمج المبنية على محو هوية الآخر فشلت ، لأننا كويتيون فلذلك نحن مختلفون.

دعوني أعود بالتاريخ إلى أيام السور ، في تلك الحقبة كان الكويت مقسمة إلى منطقة تجار و منطقة عمال ، فالثقل المالي كان متركزاً في جبلة حيث أغلب التجار ، أما طبقة العمال فكانت متمركزة في منطقة شرق ، التقسيم كان مبني على مستوى الدخل ، في الحقبة التي تلت السور ، كانت بداية القومية العربية ، و تم تقسيم المجتمع إلى عرب و عجم ، و تلا ذلك مباشرة ظهور التيارات الإسلامية ، فقسم المجتمع بشكل أكبر إلى شيعة و سنة ، و مع زيادة دخل الدولة ، و تركيز المصروفات في الداخل ، تم تقسيم المجتمع من جديد لحضر و بدو.

عندما أقول ُقسم المجتمع أعني أن التقسيم كان موجوداً لكن تم تسليط الضوء عليه بشكل سلبي ، مما أوجد نوعاً من التنابز و التنافر بين أبناء المجتمع ، هذا التعيير الغير منطقي إنما هو ما يعرف في العالم أجمع تحت مسمى العنصرية.

العنصرية في منظوري البسيط إنما هي محاولة تقسيم أبناء آدم إلى فئات تحت ذرائع وهمية ، فكل الكويتيون متساوون حسب الدستور ، و جميعهم يعيشون على أرض الكويت ، يخدمونها و يضحون في سبيلها و يعمرون أرضها.

نحن بحاجة إلى أن نغير ما في قلوبنا ، و ثم نعمل على إصدار قانون يمنع التمييز العنصري بين أبناء الوطن الواحد ، و أن يحترم كل منا الآخر بعيداً عن ثقافة الكراهية التي قسمت المجتمع الصغير و زادت مشاكله.

06‏/03‏/2010

الجدال ... مشكلتنا


الجدال بمفهومي البسيط هو النقاش المفضي إلى غير نتيجة ، و له في اللغة معاني أخرى كثيره ، هذا النقاش العقيم الذي إذا طال خرج عن حد المألوف و دخل في باب النزاع و الشقاق ، و هو لا يخدم الناس بل يضيع جهدنا في ما لا طائل منه و لا نائل.

في بلدي هناك العديد من الجدالات التي أصبحت جزء من كينونتنا كوطن ، فجدال حضري بدوي ، شيعي سني ، أصيل بيسري ، مناطق داخليه خارجية ، تجار و عيال فقاره ، و ما إلى ذلك من أمور ، تبرز في أي نقاش علمي يخسر فيه أحد الأطراف ، ليدخلنا في معمعه ليس لها نهاية.

بعض هذة الجدالات أصلها خبيث ، و مبني على البغضاء و التشاحن و التنابز، و يعلم من يقولها أن يذكي الشر و في نفس الوقت يعلم أنه سوف يخرج إما منتصرا أو متعادلاً بمجرد أن استخدم هذة المادة الجدلية التي يتجنبها أغلب العقلاء.

اليوم أصبحنا أمة جدلية ، لذلك بقينا في مكاننا نراوح مثل العسكر في أثناء التدريب ، و ليتنا نصبح مثلهم في ميادين النزال ، و نتحلى بالشجاعه.

02‏/02‏/2010

خاطرة ... الحسد


لم أعلم يوماً في حياتي أن الحسد يكون بلا حدود ، و أنه مهما تفوق الحسود على المحسود فإنه يظل يحسده على توافه الأمور ، كأن الحسد لا ينطفئ ، يظل ينظر الحسود لضحيته و لا يتوقف ، فإن غلبه المسكين في جاه ، حسده ليحل محله و سعى جهده لينبذه ، و إن رأى الناس تحب ضحيته تراه يتلون و يتحور ليسحبهم في صفه ، لكن العجب كل العجب أن الناس تكره من هم على شاكلته من غير أن يعرفوا لماذا يكرهونه.

لكن أقول أن الحسود يظل يموت بغيظه ، لا لشيء سوى أن من يحسده لا يهتم بما يفعل و لا يكترث بما يحدث ، فكم يضحكني وجه حاسدي و هو يحاول أن يراني غضبان ، و كم يضحكني و هو يحاول أن يتظاهر أنه مشفق علي ، و أنا أعلم كذبه ، و أعلم أنه الحسود الذي سعى في تأخيري رغم تقدمي عليه ، و أنه جهد كل جهده ليراني باكيا ، و لكن هيهات تأبى الروح التي بين جنبي الخضوع ، و تأبى عزيمتي على الركوع ، فقد ولدت حراً و سأبقى حرا ، لا تستعبدني حاجاتي ، و لا يستفزني ما لم أحصل عليه ، أنا هو العزيز الذي أذل حاسديه بحب الناس ، و لم يكترث بالمتغطرسين ، أنا المسكين الذي أحب الجميع فأحبوه ، و لم يتزلف للمتكبرين ليرفعوه ، ماء وجهه عنده أغلى من الذهب ، و عزيمته أصلب من الجلمود ، فدع عنك الحاسدين و كيدهم ، فلن ينفع كيدهم ، و لن ترى إلا ما كتبه الله لك.

05‏/01‏/2010

الخطوط الحمراء


عندما يصبح الحديث في أي شيء خط أحمر ، عندما يصبح النقد جريمة ، فكيف لنا أن نتنفس؟!

مع تصاعد الحديث عن الوحدة الوطنية نسمع أصواتاً نشاز تطالب بوضع المزيد من الضوابط كما يسمونها للحد من حرية الكتاب و المفكرين بحجة الوحدة الوطنية.

و لكن ماذا نستفيد من المزيد من الضوابط غير شق الوحدة الوطنية ، لا تتعجب دعني استعرض مثالاً يوضح ماذا أريد أن أقول ، قانون المطبوعات الجديد الصادر في 2006 ينص على التالي" يحظر نشر كل ما من شأنه المساس بالذات الالهية او الانبياء او بالصحابة او بأصول العقيدة الاسلامية، بالطعن او السخرية او التجريح بالكتابة او الرسم اوالصور او بأي وسيلة من وسائل التعبير الواردة بهذا القانون."

فالقانون ينص على حظر نشر ما من شأنه المساس بالصحابة و أصول العقيدة ، هذان المصطلحان مطاطان و غير قابلين للتحديد البتة ، و لقد سرى فيهما الخلاف منذ وفاة الرسول – ص- حتى اليوم ، فأتى المشرع الكويتي و أدخل الخلاف في نص قانوني مما زاد الصراع و أدخله المحاكم.

دعوني أوضح أكثر أدخل الرابط ، ثم أكمل المقالة.

الآن بعد أن قرأت الرابط السابق علمت أن عدداً ضخماً من الناس يندرجون تحت مسمى الصحابة بعضهم نعرفه و بعضهم لا نعرفه ، و السؤال هل كل هؤلاء الصحابة غير قابلين للنقد؟!

لنفرض صحة ذلك ، لكن القرآن انتقدهم ، و نعت بعضهم بالمنافقين ، هل المشرع سوف يعترض على القرآن ؟!

والآن بعيداً عن المشرع و خطئه ، دعوني أعود لأرى ماذا حصل بعض أن وضع القانون ، هل حل المشكلة ؟ أم زادها تعقيداً و تشابكاً؟

ببساطة تشكلت في الكويت مجموعات الثوابت ، التي لا أعرف ما هي ثوابتها حتى اليوم ، لأنها ببساطة تلعب على العواطف ، و تستخف بالمواطنين ، فتخوف شحيت من محيت و بالعكس.

و تلى ذلك ترصد كل فريق للآخر ، و الغمز و اللمز ، و ما قضية الفالي و العريفي اليوم عنا ببعيد ، بالإضافة لسجالات عديدة لا نفع منها غير البغضاء بين أبناء الشعب الواحد.

ببساطة إن ما يسمى ضوابط اليوم ، إنما هي وسيلة لتأجيج الصراع و زيادة الفتنة ، و هي لا تحد من الفتنة ، بل على العكس ربما تستخدم في قمع الفكر الآخر و بالنتيجة تزيد الفتن.

إننا نحتاج لقانون يعمل على منع التجريح بشكل عام ، فمثلاً يمنع أن يوسم شخص بالحرامي قبل أن يحكم عليه ، أو يمنع أن يوصف شخص بالطائفي قبل أن تصدر المحكمة حكمها عليه ، , أن يمنع الصحافة الصفراء من تأجيج المواطنين و إصدار أحكام مسبقة على الناس ، و ترسيخ قناعات خاطئة ، و توزيع الألقاب حسب أهواء كتاب و ملاك هذه الصحف أو حتى المدونات.

فمن العيب قذف الناس قبل التيقن ، و القذف قبل التيقن حرام شرعاً و حرام عرفاً ، أقصد أن الإسلام حرمه و حرمته الأعراف الإنسانية.

أما المزيد من السخافات التي تسمى ضوابط فلا نريدها و لا نريد أن نرى نتائجها المعروفة مسبقاً.