19‏/12‏/2010

عين السخط . . . و لكن



يقول الإمام الشافعي في احد روائعه:


وعين الرضا عن كل عيب كليلة
**********ولكن عين السخط تبدي المساويا

ولست بهياب لمن لا يهابني
**********ولست ارى للمرء مالا يرى ليا

فإن تدن تدن منك مودتي
**********وإن تنأ عني تلقني عنك نائيا

كلانا غني عن اخيه حياته
**********ونحن اذا متنا أشد تغانيا


في خضم اعصار الصراع السياسي الغير مبرر من وجهة نظري ، أرى أننا بدأنا مرحلة جديدة ، مرحلة غيرت وجهة الديمقراطية الكويتية ، لكن أغلب الكتاب و المنظرين يرون الجزء الفارغ من الكأس ، لأنهم يرون بعين السخط ، فهم كتلة من التشاؤم و السلبية ، فهم إما في معسكر المعارضة أو في معسكر الموالاة ، متخندقين و متسلحين يتصيدون على بعض الزلات و الهنات.

أما أنا فأقف لأرى من بعيد صورةً تجريديةً لواقع جديد يسوده النص ، و تحكمه قواعد اللعبة السياسية ، رغم بعض الخدوش الموروثة ، دعونا ننظر للجزء الممتلأ من الكأس ، و سوف نرى العجيب و الغريب ، لكن هذا لا يعني أنني أطلب من كلا المعسكرين أن لا يقترب من الآخر ، لأننا لا يمكننا العيش بغير الآخر على خلاف الابيات التي صدرت فيها المقالة ، لأننا ببساطة في قارب واحد ، لا يمكن أن يكون له ربانان.

إن تمسك صاحب السمو - حفظه الله - بالدستور و مواده فرض على لاعبي الساحة السياسية معادلة جديدة ، يحكم فيها النص الدستوري و القوانين على خلاف المراحل السابقة في تاريخ الديمقراطية الكويتية ، حيث كان الخيار غير الدستوري مطروحاً دائماً في حال القلاقل ، فاصبحنا ننقاش مواد الدستور و نفكر في التعديل - رغم أني اتحفظ على بعض الأفكار التي طرحت في هذا السياق - ، و اصبحنا نسمع من يجادل مستخدماً مواده ، و اصبحنا نسمع الوزراء و مسؤولي الدولة يناقشون آليات تطبيق القانون، و النواب يعترضون على آليات التطبيق ، أي ببساطة اصبحنا نحاول أن ننسجم مع القوانين لا أن نعطلها ، و هذا جزء مهم من الرقي باتجاه دولة القانون.

فعلى سبيل المثال لم نرى الهلع من استجواب رئيس الحكومه! و لم نرى الخجل الحكومي من استجواب رئيس الوزراء كما رأيناه في ما سلف من استجوابات ، بل على العكس الحكومة تقف اليوم في خندق الدفاع عن آلياتها في تنفيذ القوانين ، لم تخف من المساءلة ، و لم تجزع من المحاسبة ، لقد حصلنا على حكومة قوية متراصة بعد أن كنا نرى حكومات يهزها النسيم ، و تختفي بالنفخ ، و هذا جيد فكلما ثبت الوزراء في مناصبهم اصبحوا اقدر في الرد على الاسئلة و اقدر على تنفيذ القوانين ، و اعلم بالمرؤوسين الذين يديرون عجلة التنفيذ الفعلي.

و في الجهة الأخرى ، أرى أن العديد من النواب اصبحوا قادرين على اظهار توجهاتهم الحقيقية من دون خوف من الجمهور ، بل اصبح بعضهم شديد الجرأة و صعب المراس اثناء الطرح سواء كان مؤيداً الحكومة أم جزءً من المعارضة و هذا يدل على أننا حصلنا على فرق نيابية ناجحة قادرة على التفاعل مع الأفكار و الاطروحات بجدية و بدعم فكري اعلامي ناجح لبعض الفرق النيابية.

و سوف ترى أيضاً أن ممثلي السلطات الثلاث اصبحوا يتقاذفون باستخدام القانون بغير حرج ، مما يؤكد على تفعيل دولة القانون لا الدولة العشائرية ذات المؤسسات ، فرئيس الوزراء و الوزراء اصبحوا يلجؤون للقضاء ليدافعوا عن شخصياتهم و لا يستخدمون الطرق الملتوية ، و هو امر رائع بكل ما يحمله من معاني جميلة رغم أنه طريق مدمي لكنه يستحق السير فيه.

و هناك الكثير الكثير من النقاط الجميلة التي أرى بودرها قد بان في ظل هذا المخاض العسير ، لكن هناك بعض المطبات الوعرة التي تؤثر في هذا الميلاد الجديد ، و لعل اغلبها جزء من الموروث الاجتماعي ، فتدني لغة الحوار و استخدام القوة و حشد الشارع و الضرب من تحت الحزام و اثارة الفتن و النزعات الطائفية و العنصرية ، انما هي وليدة مشاكل معقدة موجودة في المجتمع لا يمكن الفرار منها بسهولة إلا بتغير الفكر و الوجوه ، و هذا صعب في هذة المرحلة.

15‏/12‏/2010

الفوضى


لم أفهم و لن أفهم ما يحدث في الساحة المحلية ، فكل ما يحدث عبارة عن زوبعة آسف أقصد اعصار غير معلومٍ بدايتة و لن أعرف نهايته ، ما يحدث في الساحة المحلية يخرج عن سياق التحليل المنطقي للمعطيات ، و يصب في خانة الفوضى و اللامنطقية ، فتسارع الأحداث و تشكيلة التحالفات النيابية أو الحكومية ، و السجالات و الضرب و القمع و الندوات و القضاء و الأحكام و و و و ، و إلى ما لا نهاية من الصور التي لا يمكن تحليلها من داخل الصندوق.

إن ما يحدث في الساحة المحلية ببساطة خروج من المعقول إلى اللامعقول ، و الدخول إلى ساحة من الهدم بوتيرة متسارعة ، إن الهدم الذي بدأ ليس هدم الدستور فقط بل بدأنا بهدم القيم و المبادئ و الأعراف و المفاهيم ، لست قادراً على التحليل و لكني سوف أحاول جمع الأفكار في علبة واحدة لأعيد النظر إليها مرات و مرات لعلي أجد مناي و أفهم!

- يتخلى النواب عن الدافع عن أحدهم ، لكن المصيبة أنهم هربوا بعيداً و تركوه مع جمع يسير ليلقى مصيره غير آسفين عليه!
- يتبجح من سبب القلاقل في تنصيب انفسهم حماةً للدستور ، و يشتمون الآخرين في ذات الوقت!
- يضرب الجمهور احد مسببي القلاقل و يشجعهم حماة الدستور على الجرم و بل يبرره بعضهم!
- يتحدى المشرع القانون الذي وضعه ، ثم يَضرب من أُمر بتنفيذه!
- يُشعل احدهم الفتنة بلسانه و يلحقه الجمهور و يصدقونه!
- يشتم من يدعي الثقافة و العلم مخالفيه ، ثم يُضرب بلا رحمة!
- يتحدى بعضهم ولاة الأمر ، غير مكترثٍ بما سيحدث!
- يتصارع أهل الحل و العقد بالألسن و الأيدي على رؤوس الأشهاد!

و لعل هناك ما فاتني ذكره لكثرة الأحداث في ما خلا من أيام ، لكن ما يأتي سوف يكون ممتلئ بالأحداث التي لا نود أن تكون أسوء من ما سلف ، بل أرجو أن نقف و نراجع أنفسنا هل ما نفعله هو الإصلاح أم التدمير؟ ببساطة الجميع مخطئ … أرجوكم توقفوا قبل الفوت و قبل أن نصبح شبح حضارة بادة قبل أن تبدأ.

والله المستعان