23‏/09‏/2010

العقول المريضة

في ما سلف من الأيام كنت أتفرج على الشعب الكويتي و هو يخنق نفسه بنفسه، شعبٌ جُله مليء بكل الأفكار إلا المواطنة، ليس لديه سوى ملاحقة الفتنة أينما كانت، وهم يرفعون شعاراتٍ بريقها يُعمي و منشأها خواء.

قضية ياسر قضية قديمة، لعل عمرها يزيد عن 8 سنوات، ليست جديدة، و لم يتوقف هوعن طرح أفكاره المتطرفة في ما خالا من أيام.

لم أفهم لم صحى الشعب بعد 8 سنوات فجأة!!
لم أفهم لم نشرت مقابلات عمرها يزيد عن السنتين فجأة!!
لم أفهم لم أقيمت الندوات و شتم جزء من الشعب الكويتي لأجل شخص!!
لم أفهم لم كان على الشيعية أن يعيدوا ما قالوا من انكار و شجب!!
لم أفهم من ألبس ياسر العمامة بدل البدلة في لندن!!
لم أفهم لم تصدر الموضوع عناوين الصحف!!
لم أفهم لم سحبت جنسيته الآن و ليس بعد هروبه/خروجه!!
لم أفهم لم نحن شعب "مع الخيل يا شقره"!!

تساؤلات كثيرة بعضها بلا جاوب و بعضها الآخر انصاف إجابات، لكن ما يجعلني مستنكراً سوء استغلال الشهر الفضيل، و بالأخص العشر الأخيرة منه، فقضية ياسر كانت منبوذة و متروكة للقضاء و العدالة، ما الجديد الذي أذكى الفتنة، و شعشع و هجها، و لم تذكر هؤلاء ما نسي لثمانٍ خلت و تذكروه في العشرة الأخيرة و ربطوه بإسقاط الجنسية؟!

ياسر مواطن شأنه شأن غيره من الشواذ فكرياً، له شطحات و نطحات، لكن شطحاته دينية و عروقه ضعيف جافة لا ماء يسقيها، فكان وطنه وطن الأهواء ، يعطيك جنسيته متى ما شاء و يسحبها حين ما يشاء، وطن يحكم من الخيام، و الندوات و الصراخ و الزعيق، وطن فقد القانون هيبته و صار لسانك سيفك، و ربعك نجادك، وطن يعطيك الحرية في يوم، و يسلبها منك في التالي على صدى الزعيق، وطن يطلبك بالإنتربول و ثم يسحب جنسيتك لتسقط المطالبة، وطن يقبلك في قالب واحد، فاذا تغير قالبك صرت منبوذاً.

لست مع فكر ياسر، بل أراه فكراً شاذاً غير مقبول، لكن لا أقبل خلط الأوراق، فنحن في بلد قانون كما يقولون، بلد لا يمكن أن يبنى على قرارات ارتجالية تولد التطرف الفكري و تأصل التحزب و الطائفية.

فقرار الليلة الواحدة قد يطال أي مفكر خالف من بيده نبض الشارع، فمثلا لو انتقدت صدام و كان لم يغزو الكويت لسحبت جنسيتي لأني تكلمت على شقيق عربي، و لو انتقدت السياسة الأمريكية الآن فسوف تسحب جنسيتي لأني أضر بمصالح الدولة، مع أني لو كنت في أمريكا و انتقدتها لما تعرضوا لي.

لقد قذف اللعين رسول الله –ص- و لم يقتله أو يطرده من المدينة بل تركه بعد أن برأ الله السيدة عائشة، و هذا رسول الله و هذه سنته.

فالفكر يجب أن يرد عليه بالفكر لا بأي شكل آخر، أما ما حصل ولد و سيولد العديد من الآثار ، أهمها الطائفية و عدم احترام القانون و تداخل السلطات بتشجيع من الحكومة، هذا بالإضافة إلى إضعاف الحكومة و سطوتها على المدى الطويل لرضوخها لدعاوى الزعيق و سلطة التجمعات، و تشجيعها الشعب على هذا النوع من التصرف.