30‏/09‏/2011

نحو الهاوية

عندما أفتح الصحافة الكويتية اسمع هدير نواب مجلس الأمة رغم اننا في العطلة البرلمانية، و اقرأ ما يحزن، وأرى الشعب ضائق الصدر ينتظر الفرج، فهو لا يكاد يتخلص من أزمة حتى يشعل النواب الأخرى، و بعد أن انحدر النواب في اسلوب الحوار، أصبح من الصعب تصديق كثير مما يقولونه.

و لعل مشكلة الرشى التي نشرتها القبس لهي المصداق على تدني اخلاقيات النواب و من يدير حملاتهم الانتخابية - و كنت دائماً اشير لذلك، فالخبر كان مرسلاً غير واضح، وهو يقدح في المؤسسة البرلمانية ككل، هنا عمد بعض النواب قليلي الحياء بالهجوم على زملائهم كأنهم أهل التقى و الشرف و الفضيلة، و كأنهم المعصومون عن الزلل، المنزهون عن الخطايا بغير أي دليل أو برهان.

فقبل أن تدعي الشرف و تقذف الآخرين:

كيف تقبل أن يُتهم كل المؤسسة التشريعية؟
كيف تقبل أن يُقذف انسان بغير دليل؟

و العجب كل العجب انجراف الشارع خلف الشعارات ! بغير دليل !

لا أعلم هل عوام الشعب لا يبصرون!

إن من يتكلم عن الشرف هو نفس الشخص الذي باع نفسه بخمسين!
و معه ثلة تقسم بالله ثم تحنث!

ويلكم كيف تحكمون!
أليس فيكم رجل رشيد!

يجب أن تكشف القبس أسماء النواب قبل أن نطلق التهم جزافاً، فالبلد يمر بأكبر حملة تخوين في تاريخه!

إن الضرر الذي لحق نتيجة نقل المعلومة عبر اجهزة الهاتف و الانترنت غير قابل للحصر أو الاصلاح، و كرة الثلج ما زالت تكبر و تكبر، ولا يمكن ايقافها بسهولة، لأننا في كل الأحوال سوف نتضرر و ما زلنا نتضرر، و لن يتوقف الضرر في المجتمع لسنوات بل ربما لعقود.

إن الخصومة السياسية لكلا الطرفين الحكومة و النواب أوصلت البلد لمرحلة حرجة يصعب معها معرفة الحقيقة، بل يصعب معها رؤوية النور في نفق الكذب والنفاق من كلا الطرفين.

و لعل أجمل ما سمعت هو أن أحد راقصات الرشى هي نفسها من قبضة في الليل، ثم تكلمت عن الشرف في ساحة الإرادة.

لعل الكثير يعتقد أن من نشر غسيل الرشى كان هدفه الصلاح في المجتمع، لكن يتجلى لكل ذي عقل أن هدف كشف الرشى كان الطمع لا غير، فتحول الرشى من طرف لصالح طرف آخر حفز بعض النواب للهجوم و نشر غسيلهم النتن على الملأ، و هو نفس النتن الذي كان الجميع يشمه و لكن يغض الطرف عنه.

لا أريد أن أكثر في الحديث لكن مجلس الأمة بنظامه الحالي لن يستطيع الحركة ودفع البلد نحو الرقي و النجاح، و كل الاحداث التي خلت في السنوات السابقة تثبت ذلك، بل أوضحت قصور النظام التشريعي و الرقابي في البلاد، و أوضحت مكامن الخلل، ذلك يتجلى بوضوح في كثرة الأزمات.

لا أعتقد أن نواب المجلس الحالي أو أي مجلس سوف يستطيعون إصلاح الخلل، ببساطة لأنهم مستفيدون من النظام الحالي سواء ماداياً - مرتشي- أو معنوياً، لذلك نحن بحاجة لمجموعة من ذوي العقل و الحكمة ليتفكروا في الأسباب و يجدوا الحلول المناسبة للقصور التشريعي الدستوري الموجود، و من ثم يصوت الشعب على التعديل في استفتاء عام.

أما خلاف ذلك فهو تهريج و اسفاف، فكيف للحكومة و المجلس المتهمين بالفساد بالإصلاح، فقديماً قيل "فاقد الشيئ لا يعطيه"

21‏/09‏/2011

غير مختطف

رد على مقالة العزيز بندول


عزيزي بندول …

أكاد أجزم أنك لم تتأنى حينما كتبت مقالتك و نسيت عوامل عدم ثقة أبناء الشيعة في النظام السياسي الكويتي ، سوف أحاول أن أسطر القليل من الأفكار التي قد تفيدك في إعادة نظرتك التي طرحتها في هذا المقال ، رغم أنك مررت عليها لكن خانتك الملاحظة.

كما ذكرت أن التيارات الشيعية ساهمت بشكل فعال في كثير من الحراك السياسي في الكويت، لكن مساهمتهم كانت دائماً غير مقدرة و محل للتشكيك، و في كثير من الأحيان انقلب حلفاء الأمس ليصبحوا خصوم بل فاحشي الخصومة.

و لأننا نتمتع بذاكرة السمكة الذهبية، فإنني سوف أبدئ من الزمن القريب، و ثم أعود بالزمن لأغطي بعض الأحداث، و من ثم أخرج بنتيجة.

‫-‬ رئيس مجلس إدارة مؤسسة حكومية يتهم مواطن يقوم بعمله بالاستعداد للخيانة فقط بسبب انتمائه المذهبي.

- لم يحترم حلفاء العقيلة الدستور الذي كفل حرية الاعتقاد، فيخرج الدكتور حسن جوهر في العقيلة رغم جراح قضية التأبين ليقف معهم ثم لا يمضي أيام حتى يهاجم دكتور كيفان علماء و فقهاء الشيعة ليعود جوهر و يذكرهم أننا بحاجة لأن نحترم بعضنا البعض.

- ينضم سيد عدنان و أحمد لاري و د. حسن للتكتل الشعبي في محاولة لبناء حزب وطني مع أحمد السعدون و مسلم البراك و آخرين، و في أول اختلاف فكري سياسي و لا أقول مذهبي، يخرج مسلم البراك ليعلن البراءة من حزب الله الكويتي - الذي يحلم بوجوده- ومن سيد عدنان و يقصيه في حالة صمت للسعدون و باقي أعضاء التكتل الشعبي، و تعتقل الحكومة د. ناصر صرخوه وهو في طريق الجامعة، و يتهم عضو المجلس البلدي رغم عدم حضوره، و تشن الصحافة هجومها و يتبجح حديثي العهد بالكويت ليطعنوا في ولاء الشيعة لهذه الأرض.

‫-‬بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تضغط الحكومة الأمريكية لتغير المناهج، و تشكل اللجان ليخرج لنا منهج جديد يربي الجيل الجديد على كره الأقلية الشيعية و معتقداتها، و يهب حماة الدستور يدافعوا عن المنهج التكفيري بلا هوادة متناسين الأقلية و حرية الاختلاف و مبادئ التسامح، لم يطالب الشيعة بمنهج خاص بهم بل طالبوا فقط بعدم تكفيرهم و هو ابسط ما يكفله الدستور.

-في المجلس الأول أو الثاني بعد التحرير عندما كنا في الكويت نتكلم عن تكاتفنا في الغزو و محو الفوارق، تقر الحكومة و المجلس المليء بالمتأسلمين قانون الزكاة للقصر و تشمل أبناء الشيعة رغم صراخ د. عبدالمحسن جمال و تجاهل كامل للأقلية الشيعية.

- في الثمانينات يتهم الشيعة بالتفجيرات و يقتل أبناؤهم ، و يسجن مثقفيهم ، و يتهمون و يقصون و يهمشون لا لشيء سوى اعتقادهم الديني، و يمنعون من كل شيء حتى بناء المساجد.

هذا نزر من بحر من الأحداث التي اعادت صياغة طريقة تعامل الشيعة مع الحكومة و المجلس معاً، فلم يعد أبناء الشيعة يؤمنون بعدالة النظام و لا بحيادية الحكومة أو البرلمان، لا بل يرون أن الأغلبية البرلمانية لا تعير و جودهم أي اهتمام عند صياغة القوانين، و أن الحكومة تميل دائماً مع الأغلبية أو مع من يوفر لها الأغلبية.

و لعل تغير سيد عدنان من خطه السابق كان بعد الصدمة العنيفة التي أوضحت له أن التيارات السياسية الكويتية لا تؤمن بالقيم السامية التي بني عليها الدستور، بل هي تيارات انتهازية، و لو رجعت بالزمن أكثر لرأيت ماذا فعلت التيارات القومية في الشيعة رغم أنها مبنية على العرق.

إن سلبية أغلبية نواب الشيعة نتيجة تجربة واقعية لما حدث في الماضي، وأن تغير نمط تعاملهم مع الحكومة أو المجلس يعتمد على تغير قناعات نواب الأغلبية.

أعتقد أنك بحاجة لإعادة صياغة نظرتك حول ما يحدث لأن ما سطرته يمثل قناعتك الشخصية و ثلة قليلة يمثلها د. حسن جوهر و الذي بين حيرته حينما امتنع عن التصويت في طرح الثقة في العديد من الاستجوابات باستثناء الأخير.

01‏/09‏/2011

المنبر الصغير


تتوقف الأنامل و يقشعر البدن لعظيم المقال الذي نشر حول الرشوة النيابية، هذا الخبر الذي إن صح أو لم يصح، يجب أن نتوقف عنده وقفة مقيم و متأمل لعظيم شرره و ضرره، نظرة شعب يريد البقاء و النماء، شعب يقيم ما يدور و يقومه.

لنجمع معاً شتات فكرنا و لنقيم الضرر في حال أن الخبر الذي نشر هو إفتراء ثم نعود للطامة الكبرى و هو صحة الخبر.

في حال أن الخبر افتراء فلدينا خلل في صحافتنا لنشرها الكذب و البهتان، و خلل في نوابنا لقذهم زملائهم و فجورهم بالخصومه، و نحن بحاجة ماسة لمؤسسات المجتمع المدني للعمل لتوعية الشعب نحو خطورة هذه الممارسات ليستبدلوا الخبيث بالطيب.

أما في حالة صحة الخبر فهذا يعني أن لدينا خلل في النظام الدستوري القائم و في ذمم بعض من يعمل في هذا النظام، الخلل في النظام الدستوري عظيم في حال ثبوت الرشوة، فهذا يعني أن الراشي سواء كان طرف حكومي أو نظام استخباراتي أو جهة متنفذة أو كائناً من كان قادرٌ على إختراق نظامنا المؤسسي و تعطيل تنميتنا، بل ربما يكون قادر حتى على التأثير على بقائنا.

إن فساد المشرع المراقب يعني بالضرورة فساد التشريع و ضعف الرقابة، و بالتالي انتفاء الهدف من المؤسسة التشريعية، و كذلك خروجها من أهدافها المرسومة نحو تنمية المجتمع إلى تدمير المجتمع.

إنني أدعو كل من يسمع صوتي من هذا المنبر الصغير أن يقف و يطالب بإصلاح الدستور في حال ثبوت الرشوة، فالخلل في نظري أعمق من أن يصلحه قانون نزاهة، بل نحن بحاجة لغربلة قوانين الترشح و التوزير و الانتخاب، و نحن بحاجة لوقف الهرج الذي كثر غثاءه فغطى كل الحقائق الذي دونه.

إن مستقبل البلد منوط بوصول النخب الصالحة للمؤسسة التشريعية، و ووصول كميات كبيرة من الزبد و الغثاء يعني تدمير المؤسسة التشريعية و بالتالي البلد.