28‏/08‏/2009

لا تعجل ...

لا تعجل ...

لا تعجل فالولادة لا تسبق المخاض
لا تعجل فالشباب لا يسبق الطفولة
لا تعجل فالموت لا يسبق الحياة

كل مخلوق عرفته محدود بزمان ، هذا البعد الذي نعيشه و لكن لا نستطيع أن نحد بدايتة أو نهايتة , لأنا مخلوقون في مجاله ، فأنى لنا معرفة بدءه و هو قديم ، و أنا لنا معرفة نهايته و نحن نفنى قبل آخرة ، لعل بعضنا يلحق آخرة ، لست أعلم كيف يكون آخرة ، لأني لا أستطيع تفسير الزمن إلا بحدوثه ، فهو ملحوظ غير معلوم.

الزمن يمر و نحن نخسر مخزوننا منه ، في كل يوم في كل ساعة في كل لحظة نخسر ، نفقد ما لا يمكننا أن نوقف خسارته ، أو نسترجع ما فوتنا.

كل ما نملك هو التحسر على ما فات ، فنفوت زمنا أكبر ، نقف لنسترجع الماضي ، لا لنتعلم بل لنتحسر ، لأننا لو تعلمنا أن الزمن يمر لشحذنا الهمم ، و سابقنا اللحظات لننجز في ما بقي بعض الذي فات.

و لكن لا تعجل فشحذ الهمم لا يعني أن نسبق الأطوار ، فكل شيء يمر بأطوار و مراحل ، فلا يسبق المطر السحاب ، و لا يثمر الشجر قبل الإزهار ، فالعمل يمر بمراحل ، لكل منها له زمن و قدر ، فلا تزيد زمن أي مرحلة فيبور العمل ، و لا تستخف بأي طور فيفشل العمل ، لا تستعجل فالحياة أطوار و لكل طور بدء و نهاية ، و لكل إنسان ولادة و ممات.

11‏/08‏/2009

أخلاقيات أمة - الغرور



إن من المسلمات في ديننا الحنيف أن الغرور هو من مهلكات إبليس ، و هو أيضاً من أهم مهلكات البشرية ، عندما يصاب المرء بالغرور فهو لا يرى إلا نفسه فوق الجميع ، فكل من حوله دونه ، و كل ما يميز غيره فهو حقير ، و كل ما يصنعه غيره فهو تافه و ليس لهو أي قيمة ، هذا الفرد البسيط المغرور يدمر نفسه ، وينفر من حوله ، يجعلهم يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم مهما عملوا فلن يرضوه ، لأنه لا يرضى إلا بما يصنع هو لا غيره ، لا يسع قلبة إلا لغو فكره ، كما حدث مع إبليس ، إذ أضاع عبادتة بمقارنة بينه و بين آدم ، فعصى.

عندما يبتلى شعب بالغرور فهو يدمر نفسة بنفسه بشكل عجيب ، يحول هذا الشعب جل نظره على ما يميزه هو لا غيره ، فهو يرى أنه أعلى من باقي شعوب الأرض ، و أنه أعطى للبشرية كل شيء ، و أنها لولاه لما تقدمت ، و أن باقي بني جنسه إنما هم دونه منزلة و رتبة.

لعل أقرب الأمثلة لخاطري الشعب اليباني و الشعب الألماني ، هذين الشعبين آمنا أنهما فوق شعوب الأرض فكانت نهايتهما على يد منهم دونهم - حسب أعتقادهم - لقد دمرا في غمرة غرورهما ما أنجزوه لا لأجل شيء بل لأجل رفعة غير موجودة ، و فكرة غير محمودة.

كنا في الماضي شعب متسامح ، شعب يحب شعوب الأرض ، عمل أهله في التجارة فاختلطوا بأهل البلدان المجاورة ، لقد سافر أهلنا للهند و السند ، وبادلوهم التجارة و تصاهروا معهم ، كانوا يعتزون بانتمائهم ، و لكنهم لا يترفعون عن الأسود و الأصفر و الأحمر ، لا يرون في انتمائهم أنهم أعلى ، بل إنهم مختلفون ، و الإختلاف رحمه.

إن ما يزعجني هو أننا صرنا نحذوا خذو الشعوب المبتلاة بالغرور ، فترى أبناء هذا البلد يتغامزون " هذا هن..." و "فلان من ..." و قس على ذلك الكثير ، و استشرى الداء بيننا ، فصار فلان ما هو أصله ، و زيد من أين أتى ، و هذا كذا و كذا ، و لم نكتفي بهذا القدر من الغرور بل صار الغرور عجيب ، فلو يقف الشرطي ليسأل أحدهم سؤال حتى أجابه " إنت ما تعرفني أنا منو" ، كأننا نتحدى أنفسنا ، من أين هذا الغرور ، و لماذا؟ لست أفهم فقبل ٥٠ سنة كان أهلنا في البحار يكدحون و البقية في البادية القفراء يسيحون ، كانوا يصارعون من أجل البقاء.

أنا أرجو من يقرأ رسالتي أن يسأل جده أو أباه أين كانوا يعيشون ؟ و كيف كانت حياتهم ؟ و من ثم يسأل نفسه " هل أنا أترفع عن بني جنسي من البشر لأني من هذا البلد؟" ، "هل أنا وسيلة تدمير لمجتمعي من غير وعي؟"