11‏/08‏/2009

أخلاقيات أمة - الغرور



إن من المسلمات في ديننا الحنيف أن الغرور هو من مهلكات إبليس ، و هو أيضاً من أهم مهلكات البشرية ، عندما يصاب المرء بالغرور فهو لا يرى إلا نفسه فوق الجميع ، فكل من حوله دونه ، و كل ما يميز غيره فهو حقير ، و كل ما يصنعه غيره فهو تافه و ليس لهو أي قيمة ، هذا الفرد البسيط المغرور يدمر نفسه ، وينفر من حوله ، يجعلهم يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم مهما عملوا فلن يرضوه ، لأنه لا يرضى إلا بما يصنع هو لا غيره ، لا يسع قلبة إلا لغو فكره ، كما حدث مع إبليس ، إذ أضاع عبادتة بمقارنة بينه و بين آدم ، فعصى.

عندما يبتلى شعب بالغرور فهو يدمر نفسة بنفسه بشكل عجيب ، يحول هذا الشعب جل نظره على ما يميزه هو لا غيره ، فهو يرى أنه أعلى من باقي شعوب الأرض ، و أنه أعطى للبشرية كل شيء ، و أنها لولاه لما تقدمت ، و أن باقي بني جنسه إنما هم دونه منزلة و رتبة.

لعل أقرب الأمثلة لخاطري الشعب اليباني و الشعب الألماني ، هذين الشعبين آمنا أنهما فوق شعوب الأرض فكانت نهايتهما على يد منهم دونهم - حسب أعتقادهم - لقد دمرا في غمرة غرورهما ما أنجزوه لا لأجل شيء بل لأجل رفعة غير موجودة ، و فكرة غير محمودة.

كنا في الماضي شعب متسامح ، شعب يحب شعوب الأرض ، عمل أهله في التجارة فاختلطوا بأهل البلدان المجاورة ، لقد سافر أهلنا للهند و السند ، وبادلوهم التجارة و تصاهروا معهم ، كانوا يعتزون بانتمائهم ، و لكنهم لا يترفعون عن الأسود و الأصفر و الأحمر ، لا يرون في انتمائهم أنهم أعلى ، بل إنهم مختلفون ، و الإختلاف رحمه.

إن ما يزعجني هو أننا صرنا نحذوا خذو الشعوب المبتلاة بالغرور ، فترى أبناء هذا البلد يتغامزون " هذا هن..." و "فلان من ..." و قس على ذلك الكثير ، و استشرى الداء بيننا ، فصار فلان ما هو أصله ، و زيد من أين أتى ، و هذا كذا و كذا ، و لم نكتفي بهذا القدر من الغرور بل صار الغرور عجيب ، فلو يقف الشرطي ليسأل أحدهم سؤال حتى أجابه " إنت ما تعرفني أنا منو" ، كأننا نتحدى أنفسنا ، من أين هذا الغرور ، و لماذا؟ لست أفهم فقبل ٥٠ سنة كان أهلنا في البحار يكدحون و البقية في البادية القفراء يسيحون ، كانوا يصارعون من أجل البقاء.

أنا أرجو من يقرأ رسالتي أن يسأل جده أو أباه أين كانوا يعيشون ؟ و كيف كانت حياتهم ؟ و من ثم يسأل نفسه " هل أنا أترفع عن بني جنسي من البشر لأني من هذا البلد؟" ، "هل أنا وسيلة تدمير لمجتمعي من غير وعي؟"


هناك تعليق واحد:

  1. مقال عظيم يا سرقالي

    لذا يعتبر الحكماء "الكبر (الغرور) مصدر كل الأخطاء البشرية" .. لأنه يعمي العين ويقسي القلب ويفسد العقل ..

    وقناعتي الشخصية أن "الغرور علامة الأغبياء" .. لم أقابل انسان مغرور طول حياتي إلا ووجدته إما "فاشل" أو "تافه" أو "أحمق" أو يعاني من عقدة نقص وهذا الأكثر ..

    لذا "حيلك فيهم" :-)

    تحياتي لقلمك المميز

    ردحذف