كنت مثل كل قراء الصحف الكويتية متابعاً لقضية الطلبة الذين سحبت الإعترافات من جامعاتهم وشككت في شهادات بعضهم ، في البداية تعاطفت معهم ، ولكن بعد تفكير رجعت عن تعاطفي معهم ، حقيقةً الموضوع شائك و صعب الحكم عليه ، أو أتخاذ رأي واضح فيه ، و كلا التوجهين مر ، و فيهما شيء من الصحة و الخطأ.
عندما قامت الدولة ممثلة بوازرة التعليم العالي بالإعتراف بالجامعات ذات المستوى التعليمي الهابط ، فقد دمرت لبنة من لبنات المجتمع المدني ، و ساهمت بنشر نوع جديد من الفساد الأخلاقي ، هذا الفساد الأخلاقي هو توجة العديد من الكويتين إلى هذة الجامعات للحصول على الإجازة الجامعية في التخصصات العلمية ، و هم في الحقيقة لم يحصلوا على أي معلومة تفيدهم و تفيد بلدهم سوى الورقة التي تثبت أن حاصلون على هذة الدرجة العلمية ، و سعى العديد منهم جهلاً أو عمداً للحصول على الدرجة و من ثم المزايا التي تعطيها الدولة لحاملي هذة الدرجات العلمية.
نعود للمحور الأول ، و هو رأي الطلبة أن الدولة قد أخطأت في حقهم عندما أعطتهم الإعترافات و ثم سحبتها منهم ، و هو رأي يحمل في طياته الكثير من الحقيقة ، و لكن ينظر للمسألة من جهة حق الفرد على الدولة ، معرضاً عن حقيقة الآثار المترتبة من تبوء هؤلاء الخريجين لمراكز عملهم ، و الضرر الذي ينتج من ممارستهم لدور علمي/فني من غير توافر العلم اللازم مما يسبب الضرر للمجتمع ككل.
أما المحور الثاني ، و هو تقاعس الدولة في التأكد من مؤهلات هذة الجامعات ، و تأثير القرار المتخذ على مستقبل المسجلين في هذة الجامعات ، و رغم وضوح رؤية متخذ القرار في تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة بإيقاف الإعتراف بهذة الجامعات ، لكنه أغفل سبل الحل لمن هو في مرحلة الدراسة ، و لم يسعى متخذ القرار في إيجاد حلول موضوعية لهم.
إن من المعلوم منطقياً هو تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، و هو أمر لابد من الرضوخ له في ظل المواطنة الصحيحة ، و في ظل القيم الأخلاقية للمجتمع الكويتي المسلم ، و لكن من المفروض أن تتحمل الدولة أدبياً خطأها ، و أن تسعى بإيجاد بدائل لمن صرف مبالغ مالية و جهداً و وقتاً تحت ظل القانون لنيل ما ظن أنه شهادة معترف بها بإيحاء من الدولة ، و أعترفها ضمناً أن هذة الشهادات ذات قيمة لفترة قد خلت.
الموضوع بسيط تحتاج الدولة أن تصرف على هؤلاء المخدوعين في هذة الجامعات ليعيدوا تعليمهم في جامعات عالمية معترف بها ، فتصون بذلك المجتمع من الشرور التي قد تحدث في حالة إعترفها بشهادتهم الصورية ، أو أن تدفع لهم ما بذلوه في حالت عدم رغبتهم بالتحول لجامعات أخرى.
و أي قرار يثبت لهؤلاء الطلبة شهاداتهم فهو جريمة في حق كل الموجودين في هذا البلد مواطنين أو مقيمين ، إن الضرر الذي سيلحق بهذا البلد من هؤلاء سوف يكون كبيراً بحد لا نستطيع معه تمييز الخبيث من الطيب ، و سوف يصبح الطبيب المجتهد كالطبيب الصوري ، و المهندس المجتهد كالمهندس الصوري ، و المعلم المجتهد كالمعلم الصوري ، مجتمع يفقد فية المثقفين قيمتهم لإختلاط الحابل بالنابل.
إن أي معالجة للخطأ السابق يجب أن لا تكون بخطأ أكبر ينجم عنه ظلم الشعب كفاة ، و منا إلى مسؤولي وزارة التعليم العالي ، لا ترضخوا لذوي النفوذ و حكموا المصلحة العامة و أصلحوا خطأكم بأقل الضرر ألا و هو صرف بعض المال على الكويتين الذين ظللتوهم ، و لا تظللوا مجتمعاً بأسره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق