الكاتب الصحفي المرموق محمد عبدالقادر الجاسم كتب مقال جميل أسماه "حسبي الله عليه..!" بتاريخ 23/5/2009 في مدونته، مقال يسرد وقائع تاريخية بأسلوب رائع ليستنتج منه نتيجة في اعتقادي سقيمة ، فالمقال يعارض أخره أوله ، و يحاكم المجتمع بتوجه واحد ، ألا و هو "كل شي تسوية الحكومة شين".
فالمقال بدأ بداية جميلة حين سرد خطيئة الحكومة بدعم تيار ضد آخر ، و التكسب من خلف هذة العملية لكنه تجاهل بكل وضوح رضوخ المجتمع الكويتي لتك الخطيئة و تقبله لهذا التوجه في ظل الصراعات الإقليمية ذات الطابع الطائفي العنصري ، و كذلك خوف الحكومة من التوجهات القومية الثورية في ظل تغير الأنظمة في المجتمعات و الدول العربية ، وبروز قوة هذه التيارات القومية بعد انتخابات 1976م ، لهذه الأسباب في اعتقادي توجهت السلطة لتيار قبلي ذو جذور سياسية إسلامية تدعو لمركزية السلطة شبيه بالدول المجاورة ، هذا التيار كان يمثل غطاء ملائم في رأي السلطة و يوفر الثقة لها للبقاء ، بالأخص بعد تطور الصراع الإقليمي و بداية حرب الثمان سنوات التي ساعدت على تأصيل هذا التوجه ، و ساهمت الأحداث الداخلية على ترسيخه حتى الغزو الغاشم.
ثم أستطرد المقال بتحليل المجلس القادم بشكل غريب ، معتقداً أن النواب سوف ينضوون تحت راية الحكومة بشكل سلبي ، وهذا اتهام غريب ، فتأييد الحكومة في مشاريع لا يعني الرضوخ لها ، و لكن التأييد السلبي هو الرضوخ الذي يرفضه المجتمع ، إن ما ينشده المجتمع الكويتي بكل أطيافه هو التنمية ، و هذا يعني بالضرورة و جود مشاريع ذات نقاط التقاء بين البرلمان القادم و الحكومة القادمة.
و أكمل بإسهاب شديد في تحليل شخوص الصدام القادم الذي يتوقعه ، و هو يحمل في طياته تحليل نقبل بعضه و نرد كثيراً منه ، و لكن للاختصار سوف أذهب إلى نقطة التضاد في مقاله.
فهوحين يصرح بالقول "لقد "لعبت" السلطة خلال الانتخابات الأخيرة بأسس الوحدة الوطنية، وتم توجيه السهام نحو القبيلة بعد تقوية الطائفة الشيعية والاستقواء بها، وبعد رعاية غلاة التعصب العرقي من السنة الحضر" فهو يعارض نفسه و يطعن في ما بدء به المقال حين قال" انقلبت فيها السلطة على الدستور وانعزلت عن باقي فئات المجتمع! " فهو يصرح بوضوح محاولة عودة السلطة للدستور بعودتها لبقية فئات المجتمع التي كانت تحت وطأة التمييز الخاطئ ، و التي عانت منه بشكل لافت من خلال توزيع الدوائر السابق ، هذا بالإضافة لوقف التسهيلات اللاشرعية للمنافع الفئوية و القبلية.
إن ما نعاني منه في المجتمع الكويتي من تفرقه هو نتاج الخطيئة التي أبتدأت بها المقال ، و ليس لها حل إلا بالعودة للعدالة في ظل الدستور ، و هذا ما لا يقبله المستفيدين من الفئوية و الطائفية و القبلية ، الذين ما زالوا يحرضون عليها.
إننا بحاجة لدعم السلطة لتعود إلى فرض مبادئ الدستور التي كان تمسكها به واضحاً من خلال الحل الدستوري السابق ، و التي خالفت به توقعات العديد من المحللين و المنجمين.
إن تقبل العدالة الاجتماعية يحتاج إلى وقت حتى يتغلغل في نفوس المجتمع الكويتي بعد أن تعود على التمييز ، و إن عقدة المؤامرة ما زالت في نفوس الجيل الذي عانى من الاضطهاد السياسي و الفكري.
و إن المياه التي تسربت إنما هي نقيع لمشاكل الماضي كان لابد أن ينزف حتى يجف.
خوش شيء
ردحذف