في الفترة السابقة بدأت تتضح الصورة بشكل كبير حول شخصيات النواب الكرام، فلم نعد بحاجة لخبراء نفسانيين لمعرفة أن أغلبهم ليسوا سوى دمى تحركها خيوط خفية سواء كانوا معارضين أم موالين فلا فرق، فهم رجال بلا خيار، و هل الرجل الحر إلا برأية.
فمن غير المعقول هذا التباين الواضح في فهم الدستور الذي لم يعد يعرف منه غير اسمه، فهذا يدعي أنه يحمي الدستور و الثاني يدعي أن الأول ينتهك الدستور، و هما في الواقع لا يفهمان أن الدستور منظومة فكرية تحتاج للتزاوج مع الأخلاق حتى تنجح الدولة و تزدهر.
فعندما يبنى مجلس الأمة على الخيرات العنصرية رغم تغيير مسمياتها اليوم ( مذهبي – قبلي – حضري – بدوي) و من ثم تبنى الحكومة على نظام المحاصصة فإن بناء الدولة يكون ركيكاً في وجه الهزات، على الرغم أن هذا النظام نجح لفترة لكنه لا يستطيع الصمود في ظل المتغيرات، لأن هذا النوع من البناء يأكل نفسه بنفسه.
نعود لنواب مجلس الأمة الكرام، الذين على فرض الدستور يمثلون إرادة الأمة، لكنهم في الواقع ليسوا سوى دمى تحركهم صراعات السلطة مع السعي نحو المصلحة الشخصية أو الفؤوية، و كان هذا واضحاً في سلسلة الإستجوابات الفارغة التي اطلقها النواب، و من المدهش كيف أن كل مجموعة عملت على حفظ مصالحها بعيداً عن إرادة الشعب، و منهم من اختزل الشعب في نفسه و خرج ليتظاهر!!
لقد مل الكويتيون مجلس الأمة أي ملل، لكنهم مازالوا يؤمنون بالديمقراطية، و المعضلة ليست في الدستور و لا النظام الديمقراطي، لكن المشكلة في عقيدة الشعب و موروثاته الأخلاقية، فما زلنا كشعب نفكر من زاوية ضيقة، و هذة الزاوية هي التي جعلتنا نقف في مكاننا، فكيف يبني البلد من يخاف أن يرحل؟! فكل مجموعة تريد أن تستأثر بهذة الأرض و بخيراتها و تبعد الآخر، و لا ترى أن بقاء البلد في بقاء كل أطيافة، و أن قوة هذا البلد في تعدد مشارب شعبه، فتقدم قرابين البقاء لمن تستشعر أنه هو هرم السلطة القادم، و لا تعي أننا كشعب يجب أن نكون على الحياد من صراع السلطة، فهم بالنهاية شيوخنا حسب الدستور على السواء و لهم حق الحكم إن كانوا من ذرية مبارك.
إن دخول النواب في صراع السلطة هو ما يدمر البلد، فلقد فقدوا دورهم الحقيقي و انجروا خلف خدمة مصالح الآخرين لكنهم في الواقع أضاعوا البوصلة، فالأسرة هي أعلم بشؤونها و هي من تقرر في النهاية دور ابنائها حتى لو طمح أحدهم بدور أكبر فهو في النهاية ملزم بالرجوع للأسرة، و لا يستطيع النواب تغير هذا الواقع مهما عملوا جاهدين، و لقد اثبتت التجارب السابقة أن محاولات النواب التدخل في شؤون الأسرة لم يأتي إلا بالمشاكل و تأخير التقدم و الإزدهار.
من الأفضل أن يعي النواب أن مصلحة البلد في النأي بأنفسهم عن التدخل في سلطات الآخرين سواء السلطة التنفيذية أو السلطة القضائية، و التركيز على الأخلاقيات و القوانين، و بالأخص أخلاقيات التعامل و لغة الحوار لنبني بلداً لا تسعى فيه أطيافه إلا لخدمة البلد ككل و ليس لتقديم قرابين الولاء في سبيل الإستئثار بنزر قليل من المنافع، ينتهي بمجرد انتهاء حقبة أو بانتهاء منفعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق