يقول الإمام الشافعي في احد روائعه:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
**********ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمن لا يهابني
**********ولست ارى للمرء مالا يرى ليا
فإن تدن تدن منك مودتي
**********وإن تنأ عني تلقني عنك نائيا
كلانا غني عن اخيه حياته
**********ونحن اذا متنا أشد تغانيا
في خضم اعصار الصراع السياسي الغير مبرر من وجهة نظري ، أرى أننا بدأنا مرحلة جديدة ، مرحلة غيرت وجهة الديمقراطية الكويتية ، لكن أغلب الكتاب و المنظرين يرون الجزء الفارغ من الكأس ، لأنهم يرون بعين السخط ، فهم كتلة من التشاؤم و السلبية ، فهم إما في معسكر المعارضة أو في معسكر الموالاة ، متخندقين و متسلحين يتصيدون على بعض الزلات و الهنات.
أما أنا فأقف لأرى من بعيد صورةً تجريديةً لواقع جديد يسوده النص ، و تحكمه قواعد اللعبة السياسية ، رغم بعض الخدوش الموروثة ، دعونا ننظر للجزء الممتلأ من الكأس ، و سوف نرى العجيب و الغريب ، لكن هذا لا يعني أنني أطلب من كلا المعسكرين أن لا يقترب من الآخر ، لأننا لا يمكننا العيش بغير الآخر على خلاف الابيات التي صدرت فيها المقالة ، لأننا ببساطة في قارب واحد ، لا يمكن أن يكون له ربانان.
إن تمسك صاحب السمو - حفظه الله - بالدستور و مواده فرض على لاعبي الساحة السياسية معادلة جديدة ، يحكم فيها النص الدستوري و القوانين على خلاف المراحل السابقة في تاريخ الديمقراطية الكويتية ، حيث كان الخيار غير الدستوري مطروحاً دائماً في حال القلاقل ، فاصبحنا ننقاش مواد الدستور و نفكر في التعديل - رغم أني اتحفظ على بعض الأفكار التي طرحت في هذا السياق - ، و اصبحنا نسمع من يجادل مستخدماً مواده ، و اصبحنا نسمع الوزراء و مسؤولي الدولة يناقشون آليات تطبيق القانون، و النواب يعترضون على آليات التطبيق ، أي ببساطة اصبحنا نحاول أن ننسجم مع القوانين لا أن نعطلها ، و هذا جزء مهم من الرقي باتجاه دولة القانون.
فعلى سبيل المثال لم نرى الهلع من استجواب رئيس الحكومه! و لم نرى الخجل الحكومي من استجواب رئيس الوزراء كما رأيناه في ما سلف من استجوابات ، بل على العكس الحكومة تقف اليوم في خندق الدفاع عن آلياتها في تنفيذ القوانين ، لم تخف من المساءلة ، و لم تجزع من المحاسبة ، لقد حصلنا على حكومة قوية متراصة بعد أن كنا نرى حكومات يهزها النسيم ، و تختفي بالنفخ ، و هذا جيد فكلما ثبت الوزراء في مناصبهم اصبحوا اقدر في الرد على الاسئلة و اقدر على تنفيذ القوانين ، و اعلم بالمرؤوسين الذين يديرون عجلة التنفيذ الفعلي.
و في الجهة الأخرى ، أرى أن العديد من النواب اصبحوا قادرين على اظهار توجهاتهم الحقيقية من دون خوف من الجمهور ، بل اصبح بعضهم شديد الجرأة و صعب المراس اثناء الطرح سواء كان مؤيداً الحكومة أم جزءً من المعارضة و هذا يدل على أننا حصلنا على فرق نيابية ناجحة قادرة على التفاعل مع الأفكار و الاطروحات بجدية و بدعم فكري اعلامي ناجح لبعض الفرق النيابية.
و سوف ترى أيضاً أن ممثلي السلطات الثلاث اصبحوا يتقاذفون باستخدام القانون بغير حرج ، مما يؤكد على تفعيل دولة القانون لا الدولة العشائرية ذات المؤسسات ، فرئيس الوزراء و الوزراء اصبحوا يلجؤون للقضاء ليدافعوا عن شخصياتهم و لا يستخدمون الطرق الملتوية ، و هو امر رائع بكل ما يحمله من معاني جميلة رغم أنه طريق مدمي لكنه يستحق السير فيه.
و هناك الكثير الكثير من النقاط الجميلة التي أرى بودرها قد بان في ظل هذا المخاض العسير ، لكن هناك بعض المطبات الوعرة التي تؤثر في هذا الميلاد الجديد ، و لعل اغلبها جزء من الموروث الاجتماعي ، فتدني لغة الحوار و استخدام القوة و حشد الشارع و الضرب من تحت الحزام و اثارة الفتن و النزعات الطائفية و العنصرية ، انما هي وليدة مشاكل معقدة موجودة في المجتمع لا يمكن الفرار منها بسهولة إلا بتغير الفكر و الوجوه ، و هذا صعب في هذة المرحلة.
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
**********ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمن لا يهابني
**********ولست ارى للمرء مالا يرى ليا
فإن تدن تدن منك مودتي
**********وإن تنأ عني تلقني عنك نائيا
كلانا غني عن اخيه حياته
**********ونحن اذا متنا أشد تغانيا
في خضم اعصار الصراع السياسي الغير مبرر من وجهة نظري ، أرى أننا بدأنا مرحلة جديدة ، مرحلة غيرت وجهة الديمقراطية الكويتية ، لكن أغلب الكتاب و المنظرين يرون الجزء الفارغ من الكأس ، لأنهم يرون بعين السخط ، فهم كتلة من التشاؤم و السلبية ، فهم إما في معسكر المعارضة أو في معسكر الموالاة ، متخندقين و متسلحين يتصيدون على بعض الزلات و الهنات.
أما أنا فأقف لأرى من بعيد صورةً تجريديةً لواقع جديد يسوده النص ، و تحكمه قواعد اللعبة السياسية ، رغم بعض الخدوش الموروثة ، دعونا ننظر للجزء الممتلأ من الكأس ، و سوف نرى العجيب و الغريب ، لكن هذا لا يعني أنني أطلب من كلا المعسكرين أن لا يقترب من الآخر ، لأننا لا يمكننا العيش بغير الآخر على خلاف الابيات التي صدرت فيها المقالة ، لأننا ببساطة في قارب واحد ، لا يمكن أن يكون له ربانان.
إن تمسك صاحب السمو - حفظه الله - بالدستور و مواده فرض على لاعبي الساحة السياسية معادلة جديدة ، يحكم فيها النص الدستوري و القوانين على خلاف المراحل السابقة في تاريخ الديمقراطية الكويتية ، حيث كان الخيار غير الدستوري مطروحاً دائماً في حال القلاقل ، فاصبحنا ننقاش مواد الدستور و نفكر في التعديل - رغم أني اتحفظ على بعض الأفكار التي طرحت في هذا السياق - ، و اصبحنا نسمع من يجادل مستخدماً مواده ، و اصبحنا نسمع الوزراء و مسؤولي الدولة يناقشون آليات تطبيق القانون، و النواب يعترضون على آليات التطبيق ، أي ببساطة اصبحنا نحاول أن ننسجم مع القوانين لا أن نعطلها ، و هذا جزء مهم من الرقي باتجاه دولة القانون.
فعلى سبيل المثال لم نرى الهلع من استجواب رئيس الحكومه! و لم نرى الخجل الحكومي من استجواب رئيس الوزراء كما رأيناه في ما سلف من استجوابات ، بل على العكس الحكومة تقف اليوم في خندق الدفاع عن آلياتها في تنفيذ القوانين ، لم تخف من المساءلة ، و لم تجزع من المحاسبة ، لقد حصلنا على حكومة قوية متراصة بعد أن كنا نرى حكومات يهزها النسيم ، و تختفي بالنفخ ، و هذا جيد فكلما ثبت الوزراء في مناصبهم اصبحوا اقدر في الرد على الاسئلة و اقدر على تنفيذ القوانين ، و اعلم بالمرؤوسين الذين يديرون عجلة التنفيذ الفعلي.
و في الجهة الأخرى ، أرى أن العديد من النواب اصبحوا قادرين على اظهار توجهاتهم الحقيقية من دون خوف من الجمهور ، بل اصبح بعضهم شديد الجرأة و صعب المراس اثناء الطرح سواء كان مؤيداً الحكومة أم جزءً من المعارضة و هذا يدل على أننا حصلنا على فرق نيابية ناجحة قادرة على التفاعل مع الأفكار و الاطروحات بجدية و بدعم فكري اعلامي ناجح لبعض الفرق النيابية.
و سوف ترى أيضاً أن ممثلي السلطات الثلاث اصبحوا يتقاذفون باستخدام القانون بغير حرج ، مما يؤكد على تفعيل دولة القانون لا الدولة العشائرية ذات المؤسسات ، فرئيس الوزراء و الوزراء اصبحوا يلجؤون للقضاء ليدافعوا عن شخصياتهم و لا يستخدمون الطرق الملتوية ، و هو امر رائع بكل ما يحمله من معاني جميلة رغم أنه طريق مدمي لكنه يستحق السير فيه.
و هناك الكثير الكثير من النقاط الجميلة التي أرى بودرها قد بان في ظل هذا المخاض العسير ، لكن هناك بعض المطبات الوعرة التي تؤثر في هذا الميلاد الجديد ، و لعل اغلبها جزء من الموروث الاجتماعي ، فتدني لغة الحوار و استخدام القوة و حشد الشارع و الضرب من تحت الحزام و اثارة الفتن و النزعات الطائفية و العنصرية ، انما هي وليدة مشاكل معقدة موجودة في المجتمع لا يمكن الفرار منها بسهولة إلا بتغير الفكر و الوجوه ، و هذا صعب في هذة المرحلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق